الجزء الأول من تلخيص كتاب “هالة القائد ” تأليف :هاريسون مونارث

“هالة القائد ”
ملك الغابة
لا يكمن السر في افتقار بعض الناس إلى الفطنة، أو المهارة، أو حتى الطموح الكافي بقدر ما هو متعلق بجهلهم لسبل تعزيز مواطن قوتهم من خلال مهارات التعبير الفعال عن النفس والتواصل الإيجابي مع الآخرين، فمن منا لا يحظى ببعض الأصدقاء أو الزملاء – على سبيل المثال – ممن ينعمون بمواهب جمة ومع ذلك لا يحققون قدرًا كافيًا من النجاح المطلوب على مستوى العمل! ومن ناحية أخرى ستجد آخرين ممن تعوزهم هذه المواهب ولكنهم يحققون أعلى معدلات النجاح. لمزيد من الإيضاح يمكنك أن تنظر إلى الأمر من هذه الناحية: لا يعد الأسد من أذكى حيوانات الغابة؛ فهناك من يفوقونه دهاءً وحكمة كالقرود،
والفيلة، وحتى الببغاوات، كما أنه ليس الأكبر حجمًا ولا حتى الأبرع في الصيد على مستوى عشيرته، فالأنثى هي المخولة بملاحقة الفرائس والإيقاع بها. ما الذي يميز الأسد إذن عمن سواه ليكون هو ملك الغابة؟! يرجع ذلك ببساطة متناهية إلى شكله
المهيب وزئيره المدوي! ولا يعني ذلك بالضرورة أن الأسد ما هو إلا انعكاس لصورة زائفة ومخادعة، فهو يستطيع بزئيره المدوي أن يرج أرجاء الغابة في لمح البصر إذا ما استدعت الضرورة.
وبغض النظر عن هذا وذاك، فأهم ما يكسب الأسد رونقه الخاص هو ذاك المزيج المتميز الذي يجمع بين القوة المتأصلة المنعكسة على مظهره الخارجي والسلوك المعبر الذي هو خير ممثل لهذه القوة، ومن ثم إذا كنت تطمح في أن تصير أسدًا – أي تتربع على عرش عملك أيًا كان – فلا مفر من اتباع هذا النهج.
توظيف الذكاء الإجتماعي بهدف التأثير
يرتبط الذكاء الاجتماعي ارتباطًا وثيقًا بالانطباع الذي تتركه لدى الآخرين أو بمعنى أدق إدارتك وتحكمك في مدى استيعاب الآخرين لك، فهو يشير إلى الإدراك الشامل – أو كما ستكتشف الإتقان المحكم – لكل ما يمكن أن يخلق جسورًا من التواصل مع الآخرين
سواء على مستوى العلاقات الشخصية، أو المقابلات العرضية، أو حتى في مواجهة الغرباء، ففي اعتقادك لِمَ يحرص بعض المديرين على حشد الموظفين خلفهم في ثقة وولاء منقطعي النظير، بينما يصر آخرون على الوقوف على مسافة كافية منهم آبين التنازل عن مكانتهم وترتيبهم في التسلسل الهرمي متسترين تحت مظلة الحفاظ على احترام وتقدير الآخرين لهم؟ تتلخص الإجابة في كلمة بسيطة، ألا وهي الذكاء الاجتماعي الذي يتمتع به النوع الأول من المديرين في حين يفتقر إليه النوع الثاني. فإذا حدث وترقى أحد أتباع النوع الثاني إلى منصب المدير بطريقة أو بأخرى – الأمر الذي قلما يحدث في ظل ثقافة العمل الحالية – سيكون لذلك عواقبه على الجميع.
المقومات الخمسة للذكاء الاجتماعي
-1 الوجود والحضور
يعكس حضورك – بداية من قصة شعرك، ونبرة صوتك وحتى إيماءاتك وتحركاتك – إلى حد كبير مدى اعتزازك وثقتك بنفسك، بالإضافة إلى مقدار احترامك للآخرين وإيمانك بأهمية الحدث ذاته، فالازدراء والاستهتار المستتر تحت قناع ”تلك هي طبيعتي“ لن يأخذك إلى حيث تبغي سواء مع أرباب الأعمال، أو الشركاء، وحتى العملاء.
-2 الوضوح والشفافية
يستطيع كل من كان له رئيس يعاني من التخبط في تحديد الأهداف، ورسم التوقعات، وتوفير المعلومات الواضحة والدقيقة – أيًا كان مقدار لطافته – أن يدرك جيدًا صعوبة العمل تحت سلطة هذا النوع من القادة، فكلما كنت أكثر وضوحًا وتحديدًا لأهدافك وتوقعاتك، سهل عليك اكتساب احترام الجميع، بل واقتدائهم بك.
-3 الوعي وسرعة البديهة
يقصد بالوعي القدرة على قراءة الأشخاص والمواقف ومن ثم التفاعل وفقًا لما تستدعيه هذه المواقف من سلوكيات (وبالتالي يمكنك التعامل معه باعتباره رادارًا اجتماعيًا). فعلى سبيل المثال لا يصح أن تقول ”مرحبا، كيف هي أحوالك؟“ لدى مقابلتك زوجة المدير التنفيذي في حين يمكنك أن تقولها لابنه البالغ من العمر 16 عامًا.
-4 الجدير بالثقة
إذا كان الوعي هو الرادار الاجتماعي الخاص بك، فالثقة تلعب على أوتار أجهزة الرادار الخاصة بالآخرين من خلال تبنيك مبادئ النزاهة والصدق والإجلال، فالتصنع والتهديد – أيًا كانت براعة صاحبهما – سرعان ما ينكشف أمرهما ويضعان صاحبهما في موقف لا يحسد عليه، وذلك على عدة مستويات، فهما في المقام الأول يعكسان شعورًا متأصلاً بانعدام الأمان والاستقرار، وذلك بالتأكيد لا يمت بأدنى صلة لسمات القائد الناجح. وعلى الجانب الآخر تعمل هذه الصفات على تنفير وتكدير المحيطين، وهذا بالتأكيد آخر ما تتمناه وبخاصة حين تكون مهمتك خلق بيئة عامرة بالولاء والإخلاص.
-5 التعاطف
لم تكن محاولات ”ديل كارنيجي“ لإثبات العلاقة الوطيدة التي تربط بين تعبيرنا عن اهتمامنا الحقيقي بالآخرين ومدى تأثير ذلك على انجذابهم تجاهنا نابعة من فراغ. ينتقل الذكاء الاجتماعي بهذه العلاقة خطوة إلى الأمام، فالأمر يمتد ليشمل ما هو أعظم من مجرد التعبير عن اهتمامنا بالآخرين ألا وهو إظهار التعاطف مع خبرات ومشاعر الآخرين حتى يتسنى لنا مشاركتهم تجاربهم،
فالتعبير عن العاطفة قد يبدو بسيطًا في ظاهر الأمر، ولكنه يحوي بين طياته العديد من المعاني؛ منها أنك تخلق لدى الآخرين شعورًا بمدى استيعابك لخطورة الموقف، وتؤكد على مبدأ الفريق الواحد، والأهم من ذلك تثبت أنك على استعداد لتلبية كل متطلبات الموقف أيًا كانت، بل وتكتسب ثقة الآخرين في قدرتك على تحقيق الأهداف والعبور بالأزمة إلى بر الأمان أيًا كانت الصعوبات.
كيف تضمن إمتثال الآخرين لقراراتك ؟
باعتبارك رئيسًا أو مديرًا تنفيذيًا لإحدى الشركات، فمما لا شك فيه أنك تحقق أهدافك من خلال المهارات والمواهب والجهود المتكافلة لكل من حولك، فعلى الرغم من أهمية الدور الذي يلعبه كل من حولك بداية من الزملاء والموظفين الذين يعملون تحت إدارتك وصولاً إلى الرؤساء الذين تدعمهم من خلال إسهاماتك لفريق العمل، فإن النجاح الحقيقي لأي مؤسسة يتمخض عن الإدارة الناجحة للموارد البشرية ومقوماتها الفردية، وبالتالي يعتمد الانطباع الذي تتركه لدى كل من حولك – ومن فوقك أيضًا – في المقام الأول على مدى براعتك في إثبات دورك القيادي وقدرتك على حشد جهود الآخرين، ولحسن الحظ هناك الكثير من الوسائل – بل المئات منها في واقع الأمر – والتي تضمن لك طاعة وامتثال الآخرين.
خطوات بسيطة لكسب إمتثال الآخرين
❂فاجئهم وأدهشهم. افعل كل ما هو غير متوقع: اعقد اجتماعًا طارئًا خارج نطاق المؤسسة، ادعهم لتناول الطعام، شغل أسطوانة موسيقية. اخرج عن المألوف واخلق مناخًا من الفضول والمتعة في نفس الوقت، فالمتعة والترفيه هما المنبع الذي يتفجر منه جوهر العمل الحقيقي، فأنت بذلك تلعب على أرضهم وليس أرضك، فإذا تسنى لك ذلك استطعت أن تسد الفجوات
التي تقف عائقًا بين قدراتهم ومعارفهم وبين ما تتمنى أن يحققوه بالفعل.
❂أضف قيمة فعلية. لا يدوم انتباه الآخرين لك سوى لفترات وجيزة، لذا عليك أن تغتنم الفرصة. فربما يتعامل من حولك مع غاياتك ودوافعك باعتبارها مجرد تصرفات غير محسوبة، وبالتالي يتلخص دورك في تقديم قيمة فعلية حتى تتجنب الظهور في هيئة المناور أو المتلاعب، ولكي تتجنب ذلك، يمكنك أن تؤكد وثاقة العلاقة بين النهج الذي تتبناه والأهداف التي تنشدها بشكل موضوعي كأن تشغل بعض أسطوانات موسيقى الروك الصاخبة لأن مشروعك يهدف في المقام الأول إلى بث مزيد من الحيوية والنشاط في قسم خدمة العملاء على سبيل المثال. تذكر أنه مهما زاد إبداعك وتعاظمت قدراتك، سيعترض طريقك من حين إلى آخر بعض الموظفين ذوي العقليات الهدامة والتي لا تنفك تشكك في أهمية وقيمة ما تفعله؛ لذا كن متأهبًا لإثبات أن ما تقدمه يصب في مصلحة جميع الأطراف، ليس فقط الشركة والعملاء ولكن أيضًا مصالح الموظفين قبل كل شيء.
❂كن راويًا. حين تشرع في رواية قصة أو حكاية على مسامع الآخرين، ستجدهم على الفور يضعون جانبًا كل ما يشتت انتباههم، بما في ذلك العمل، لينصب تركيزهم على ما تقول فحسب، وسيظل كل منهم يبحث عن قيمة أو عظة أو رابط مشترك بين عالمهم الحقيقي وعالم الرواية الذي تصحبهم إليه، فلا تتردد في منحهم ما ينشدون واخلق مناخًا من التشويق والإثارة كي تضمن انتباههم طوال الرحلة. وتأكد أنه حين تقدم القصة مغزى مبشرًا بمستقبل باهر، لن يتردد أي منهم في تقمص أدوارها وتبني مبادئها ليطبقوها على أرض الواقع.
❂كن عطوفًا. يعد إقحام العاطفة من أكثر الوسائل التي أثبتت فعاليتها فيما يتعلق بإقناع وكسب ثقة الآخرين، فليس الهدف أن تكون مجرد آذان صاغية للموظفين، ولكن أن تكون متفهمًا وناصحًا لهم.
❂قدم نموذجًا يحتذى به. تعد المصداقية أحد المفاهيم دائمة التغير والتقلب، ومن ثم يمكنك الحكم على مدى مصداقيتك لدى الآخرين من خلال معدلات تجاوبهم مع إرشاداتك ومتطلباتك. لذا احرص أن تكون متكئًا على أرض صلبة، وإن تعذر ذلك، وفر كل المدخلات والمقومات التي تؤهلك لدور القائد.
نقلا عن www.edara.com
لقراءة الجزءالثاني إضغط هنا
تم نشر هذا المحتوي علي جريدة عالم التنمية برعاية
أكاديمية “بناة المستقبل” الدولية و” المنظمة الامريكية للبحث العلمي”
برئاسةأم المدربين العرب – الدكتورة “مها فؤاد” مطورة الفكر الإنساني

#بناة_المستقبل
#أكاديمية_بناة_المستقبل
#راعي_التنمية_بالوطن_العربي



