عصير الكتب

الجزء الاول من تلخيص كتاب “تخلص من تقارير الأداء ” تأليف :صامويل كولبرت

كيف تنشر ثقافة الترغيب وتقضي على ثقافة الترهيب؟

لا مكان لتقارير الأداء بعد اليوم !

آن الأوان للتخلص من واحد من أكبر الحواجز التي تحول دون تميز الموظفين ونجاح الشركات، ألا وهو تقارير تقييم الأداء التي تعتبر من أكثر أنشطة الشركات تدميرًا واستنفادًا لجهود العاملين، حيث إنها لا تكشف بدقة مستوى أدائهم الحقيقي ولا تحقق النتائج الإيجابية التي يتمناها أي مدير تنفيذي. ومع هذا، فإن مؤسسات قليلة هي التي تفكر أو تسعى جادة إلى التخلص منها والبحث عن بدائل أكثر فعالية.
يرجع سبب تمسك المديرين بتقارير الأداء إلى أسباب تاريخية وافتراضات مبدئية خاطئة منها:
-1 يعتقد معظم المديرين أن تقارير الأداء مهمة ولا مناص للتخلص منها لمجرد أنهم وجدوا المديرين الذين سبقوهم يفعلون ذلك، دون أن يعبأوا بالتأثير السلبي الذي تخلفه في نفوس العاملين.
-2 أدمن المديرون تقارير الأداء وما تزرعه من خوف في قلوب الموظفين، وهم يفعلون ذلك فقط بحكم العادة ومن قبيل الحيطة خوفًا من أن يفشلوا في إدارتهم.
-3 تستغل بعض إدارات الموارد البشرية هذه التقارير ليحظى رؤساؤها بنفوذ أوسع وسلطات أقوى.
-4 لا يعرف معظم المديرين بديلاً لهذه التقارير لأنهم يشعرون بأنها تمكنهم من السيطرة على الموظفين ومساءلتهم عن أدائهم
ونتائجهم.
لا شك في أن تقييم الأداء أمر مهم ومفيد، وهذا ما لا يختلف عليه اثنان. ولكن الموظف بحاجة إلى تقرير يقتنع به ويصدق نتائجه وليس تقريرًا مضللاً لا يدل من قريب ولا من بعيد عن رأي المدير الحقيقي فيه، ولا يخلص الشركة من المتقاعسين وأصحاب الأداء
الضعيف. فهو يريد تقييمًا ينبع من الحاجة الحقيقية لتحسين الأداء بالفعل ويساعده في تطوير إمكاناته ورفع أدائه.

سلبيات تقارير الأداء

يفتقر كثير من المديرين إلى القدرة على فهم الآخرين، أو التوفيق بينهم عندما يشوب علاقاتهم سوء فهم أو خلاف. فهناك مديرون كثيرون لا يعرفون حقًا أصول الإدارة الحقة، ويحسبون أن الإدارة ليست أكثر من إعداد وكتابة التقارير. فبدلاً من أن يقودهم فهمهم للطبيعة البشرية إلى التعامل مع كل واحد من موظفيهم على أنه شخصية مختلفة ومتفردة، فإنهم ينحون غالبًا إلى فعل ما يخدم أهدافهم الشخصية والسيطرة على الآخرين، غير واعين بأن أهم مداخل وأساليب شحذ همم العاملين هي العلاقات التي تسودها الثقة المتبادلة.
فكم مرة سمعت مديرك يقول لك: ”رأيي هو أن …“ ثم يسألك: ”فما رأيك أنت؟“ بالتأكيد هذا لا يحدث إلا لمامًا وفي أضيق الحدود. فقلما يُظهِر المديرون هذا القدر من الاحترام لآراء موظفيهم لأنهم يبقون مشغولين دائمًا بتوسيع نطاق سيطرتهم وإيهامهم بأن من حق كل موظف التعبير عن مقترحاته، ثم ينفذ رأي المدير وينتصر في نهاية المطاف وفي كل مرة، إلا من رحم ربك.
إن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن تقارير الأداء تعزز شعور المدير بالسيطرة وشعور الموظف بالخضوع والغضب والحنق لأنها تنقل إليه رسالة مفادها أن رأي مديره فيه هو وحده الذي يحدد مستوى راتبه والمهمات المكلف بها وتقدمه الوظيفي. وعلى الرغم من أن تقارير الأداء قد صُممت في الأساس لتنقل رأيًا موضوعيًا ونزيهًا عن الموظف، فإنها تبقى في العادة بعيدة كل البعد عن ذلك، لأن تقييم المدير يرتبط بعلاقته الشخصية – لا الرسمية – بالموظف وبمدى حبه أو كرهه له. وهذا لا يصب في مصلحة
المؤسسة ما لم يكن المدير إنسانًا نزيهًا يستطيع قراءة الموظفين بحيادية ودقة ليفهم مواهبهم وأولوياتهم فيحدد بناءً عليها شكل مهماتهم وحجم مجهودهم.
تتيح تقارير الأداء للمديرين العاجزين عن فهم الطبيعة البشرية السيطرة على تابعيهم، وتجنِّبهم تحمل المسؤولية عن أخطائهم وآرائهم المغلوطة وقلة خبرتهم، فيستطيعون التصرف بحرية حتى لو كان الموظفون يفتقرون إلى نفس هذا الشعور بالحرية
التي تتطلبها الفطرة الإنسانية. فتقارير الأداء لا تعطي المديرين الفرصة ليفشلوا في دورهم، لأنها – بطبيعتها – تتولى ذلك نيابةً عنهم! فمن ناحية يسيء المديرون استخدامها، ومن ناحية أخرى تبرز هذه التقارير أسوأ خصالهم وتدفن أفضلها، فتجعل
المديرين الفاشلين ينجحون في إخفاء عدم كفاءتهم، وتجعل المديرين الناجحين يفشلون في إبراز كفاءتهم.

هل هناك حل بديل ؟

يمكن أن تحل محل تقارير الأداء أحادية الجانب علاقة من نوع آخر؛ علاقة قوامها الحوار المتبادل والتواصل المباشر ويكون التركيز فيها على النتائج التي تم تحقيقها لا على شخصية الموظف أو عيوبه.
بهذا، يصبح المدير مسؤولاً عن نجاح موظفيه ويكف عن تصنيفهم ووسم أداء كل منهم على أنه ”ممتاز“ أو ”متوسط“ أو ”ضعيف“. بدلاً من ذلك، سيحرص الجميع على أن يكون أداء الجميع متميزًا ومشرفًا.

ومن هنا يبدأ التفاعل الإيجابي بين الرئيس والمرؤوس فلا يصبح المرؤوس مظلومًا ولا الرئيس ظالمًا. يعتبر التخلص من تقارير الأداء بآليتها ونمطيتها الحالية خطوة كبيرة على طريق تقدم المؤسسات، فهي تفتح الباب للحوار المباشر والصريح بين المدير وموظفيه، ومن ثم مناقشة ما يجب على الطرفين التعاون في عمله لتحقيق نتائج أفضل لصالح المؤسسة. إذا كنت مديرًا، ولم يكن مرؤوسك يحرز تقدمًا في وظيفته، فهذا دليل على غياب التواصل وانقطاع الحوار بينكما. وهنا يجب أن تتوقف لتسأل كل موظف: ”ما الذي تريدني أن أفعله كي نحقق معًا النتائج التي يسعى إليها كل منا؟“ والأهم من السؤال هو أن تنصت إلى الإجابة. فهذا هو أساس الحوار المتبادل الذي تفتقر إليه معظم بيئات العمل اليوم. فالإنصات إلى ما يقوله الآخر والنظر إلى أفعاله وتصرفاته في سياقها الصحيح، يجعل الطرفين يفهمان بعضهما بعضًا ويحققان النجاح.

تقارير الأداء لا تحقق هذا، لأنها مجرد وسيلة يستغلها المدير لإجبار تابعيه على الاقتناع برأيه وطريقة تفكيره. هي مجرد مرآة مشوهة، وليست نافذة إلى دواخل الطرف الموظف ونواياه. بدون تقارير الأداء من الممكن أن يحظى الطرفان بحوار مثمر وصريح
يهتم فيه كل منهما بمعرفة أهداف الآخر ليعملا معًا على تحقيقها.
يرى مؤيدو تقارير الأداء أن المشكلة ليست في التقارير ولا في عملية التقييم أيضًا، وإنما في ضعف القائمين على إعدادها وعدم تدريبهم عليها بما يكفي. ولكن كيف يمكن خبْز كعكة لذيذة بمكونات فاسدة مهما كان الطاهي ماهرًا وخبيرًا؟ سيحتج البعض بالقول بأن هذه الفكرة لا تصلح مع نفر من الموظفين الذين يريدون العمل بأقل مجهود أو تلهيهم حياتهم واهتماماتهم الشخصية عن عملهم، فلا ينجزون المطلوب، بل ويفشلون في تسليم أعمالهم في مواعيد التسليم النهائية. لا أحد يقول إن كل الموظفين يستحقون الاحتفاظ بوظائفهم؛ خاصة أولئك المتقاعسين والمستهترين، لكن إلغاء التقارير التقييمية أو بقاءها لن يخلصك من هؤلاء الكسالى؛ هؤلاء كان من الخطأ تعيينهم أصلاً، وهم لن ينتهزوا فرصة التقييم فيتسابقون إلى التعلم والتدريب والنمو. لكن يبقى بين الموظفين من يستحق البقاء والنمو والتطور ويريد أن يثبت جدارته، وتقارير الأداء – للأسف – لن تفيد هؤلاء أيضًا.

نقلا عن www.edara.com
لقراءة الجزءالثاني إضغط هنا
تم نشر هذا المحتوي علي جريدة عالم التنمية برعاية
أكاديمية “بناة المستقبل” الدولية و” المنظمة الامريكية للبحث العلمي”
برئاسةأم المدربين العرب – الدكتورة “مها فؤاد” مطورة الفكر الإنساني
e5f2ef68-75e1-4678-9ffc-3479da505483
#بناة_المستقبل
#أكاديمية_بناة_المستقبل
#راعي_التنمية_بالوطن_العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى