عصير الكتب

الجزء الأول من تلخيص كتاب “ العيش الرغيد” تأليف:توم راث وجيم هارتر

الرخاء وعناصره الخمسة

معنى الرخاء
الرخاء لا يعني فقط أن تكون سعيدًا أو ثريًا أو ناجحًا، أو مجرد التمتع بالعافية والصحة البدنية السليمة. الرخاء يمثل كل ما هو ضروري لمساعدتنا في تشكيل رؤيتنا للحياة والمرور بتجاربها المختلفة بنجاح. هو حالة تجمع بين حبنا لما نمارسه كل يوم، وطبيعة علاقاتنا الاجتماعية، واستقرارنا المالي، وصحتنا البدنية الوافرة، وشعورنا بالفخر والرضا عن إسهاماتنا في خدمة المجتمع. الأهم من ذلك، هو كيفية تفاعل هذه العناصر الخمسة بعضها مع بعض.
العناصر الخمسة
1. الرخاء الوظيفي: مرتبط بحبك لما تعمله وتمارسه يوميًا؛
2. رخاء العلاقات: مرتبط بالحب والصداقات والعلاقات الوطيدة في حياتك؛
3. الرخاء المالي: مرتبط بقدرتك وكفاءتك في إدارة أمورك المالية؛
4. الرخاء البدني: مرتبط بالتمتع بالعافية والصحة والطاقة الكافية لممارسة أنشطة حياتك المختلفة كل يوم؛
5. الرخاء المجتمعي: وهو مرتبط بالمساهمة والمشاركة في المجتمع الذي تعيش فيه.
على الرغم من عمومية هذه الصور، فإن كل إنسان يشق طريقه وصولاً إلى حالة الرخاء النفسي والسعادة التي ينشدها. بالنسبة للبعض، تحقق لهم الروحانيات والتعلق بالقيم السامية الرخاء في صوره الخمس. وبالنسبة للبعض الآخر، يكون وجود
هدف إنساني – مثل حماية البيئة – كفيلاً بتحفيزهم كل يوم. وعلى الرغم من أن الأشياء التي تشعل حماسنا تختلف من شخص إلى آخر، فإن النتيجة تظل واحدة لا تتغير، وهي: تحقيق الرخاء النفسي.
1- الرخاء الوظيفي
لا يدرك معظمنا مدى تأثير عملهم على مجمل سعادتهم ورخائهم، هذا على الرغم من أن الرخاء الوظيفي هو الأهم بين العناصر الخمسة. إذا لم تمارس عملاً تحبه، فسرعان ما ستزول سعادتك في جميع جوانب الحياة الأخرى، وستبدد حياتك الاجتماعية في القلق والشكوى من عملك الممل الذي لا يحقق أي مستوى من الإشباع المعنوي؛ مما يعرضك لضغوط نفسية رهيبة ويهدد
صحتك بالتبعية.
الذين يتمتعون بالرخاء الوظيفي، يستيقظون كل صباح متلهفين ومتحمسين لما سيفعلونه خلال يوم العمل، ويحظون بالفرصة لاستثمار مواطن قوتهم وتحقيق التقدم والنجاح. لهؤلاء هدف راسخ في الحياة، ولذلك يضعون خطة مقننة ويلتزمون بها لبلوغ أهدافهم المنشودة. في أغلب الحالات، يكون لهم قائد أو مدير يشعل جذوة حماسهم ليعملوا نحو رسم خطوط المستقبل، وكذلك
أصدقاء يشاركونهم شغفهم واهتماماتهم.
قد تظن بأن الذين يبلغون هذه الحالة من الرخاء الوظيفي يقضون وقتهم كله في العمل، بدلاً من تأصيل علاقاتهم الاجتماعية، إلا أنهم في الواقع يحرصون كثيرًا على تخصيص جزء من وقتهم للاستمتاع بمباهج الحياة وتكوين صداقات جديدة، وتوطيد علاقاتهم القديمة، فهم يحبون ما يمارسونه كل يوم ولا يتعاملون بجدية مع كل صغيرة وكبيرة في الحياة.
فقدان الهوية
ما تمارسه كل يوم من أعمال أو أنشطة يشكل شخصيتك ويرسمها. إن أردت أن تعرف إلى أي مدى تتشكل هوياتنا في ضوء الأنشطة التي نمارسها، فكر فيما يمكن أن يحدث عندما يفقد شخص ما عمله ويظل عاطلاً لمدة عام. ستندهش إذا عرفت بأن حالتك النفسية ستتعافى بسرعة أكبر بعد موت عزيز عليك، مقارنة بما تتعرض له من ضغوط وأسى بعد فقدان الوظيفة وأثناء العيش بلا عمل. علاوة على عدم وجود مورد دخل بسبب البطالة الطويلة، فإن غياب التفاعل الاجتماعي المنتظم مع الآخرين والإحساس بالملل القاتل كل يوم يدمرنا نفسيًا أكثر مما نتصور.
الانهماك والانسجام في العمل
لا يُشترط أن تكون موظفًا في شركة وتقبض راتبًا كي تحظى بالرخاء الوظيفي؛ المهم أن تمارس نشاطًا تستمتع به كل يوم، سواء كان ذلك من خلال العمل في مؤسسة ما أو المشاركة في نشاط تطوعي أو تربية أطفالك أو تأسيس مشروعك الخاص. كل ما يهم هو مدى استغراقك وانهماكك في النشاط الذي اخترته.
تتسم التجربة التي يمر بها الموظفون الذين يحبون عملهم وينغمسون فيه بالإيجابية مقارنة بأولئك الذين لا يستطيعون الانغماس فيه. بالنسبة لأفراد الفريق الأول، ترتفع لديهم مستويات السعادة والحماس والاهتمام على مدار اليوم ويكونون أقل عرضة للقلق والاكتئاب مقارنة بالفريق الثاني الذين يزيد قلقهم وتتكالب عليهم الضغوط النفسية.
دور المديرين والقادة
ما من أحد يختار رئيسه في العمل. ومع هذا، فنحن نتجاهل الأثر السلبي الذي تحدثه هذه العلاقة على انسجامنا في العمل، وعلى صحتنا الجسدية، ومجمل سعادتنا ورخائنا النفسي. إذا نقلت مشكلة أو اقتراحًا إلى مديرك ولم يستمع إليك أو يهتم بما تقول، فسيأتي اليوم الذي تستسلم فيه وتكف عن الاهتمام بنجاح الشركة أو ابتكار طرق تحقق لها التقدم. عندئذٍ، تتراجع جودة
المنتج أو الخدمة المقدمة. على الباحثين عن عمل جديد أن يعرفوا من سيكون مديرهم بقدر ما يهتمون بالمسمى الوظيفي أو المزايا التي سيحصلون عليها أو سمعة الشركة والراتب الذي سيتقاضونه.
إذا كنت قائدًا أو مديرًا، فسيكون لقراراتك تأثير مباشر على رخاء الآخرين. حين يقرر القادة رفع مستوى معيشة موظفيهم، فإنهم
يخلقون بيئة عمل جاذبة ويحققون فائدة كبيرة للشركة ككل. وعندما يتجاهلون رخاء موظفيهم وراحتهم، فإنهم يقضون على ثقة موظفيهم بهم ويحدّون من قدرة الشركة على النمو والتقدم.
يرى أنجح القادة في العالم أن تنمية موظفيهم تعتبر غاية لا مجرد وسيلة. وهم يدركون أن رخاء كل موظف لديهم يعتمد على قدراتهم القيادية. وقد وُجِد أن العاملين في المؤسسات التي تعتنق هذا المبدأ يكونون:
❂أرقى أداءً
❂أعلى إنتاجية وأكثر تميزًا
❂أقل عرضة للإصابة بالأمراض
❂أقل عرضة لتغيير وظائفهم
يستغل القادة المتميزون هذه الميزة التنافسية لتوظيف الأفراد واستبقائهم. فهم يعلمون أنه من السهل اجتذاب أفضل المهارات والكفاءات إذا استطاعوا أن يثبتوا لأحد المتقدمين للوظيفة أن العمل لدى هذه المؤسسة سيعود عليه شخصيًا بالنفع عن طريق بناء علاقات اجتماعية أمتن، وتحقيق الاستقرار المالي، والتمتع بالصحة، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية والتطوعية.
الاستمتاع بالعمل
من الأشياء التي تهدد صحتنا أيضًا الانتقال المفاجئ من يوم إجازة هادئ ولطيف إلى يوم عمل شاق. تؤكد الدراسات أن هرمون ”الكورتيزول“ المسؤول عن التحكم في مستويات التوتر ضروري لتحفيز استجابات التأقلم مع المواقف الخطيرة. وعلى الرغم من أن تحفيز مثل هذه الاستجابات أمر مهم عند التعامل مع المواقف الطارئة، فإنه غير مفيد عندما يكون الشخص محاصرًا وسط زحام المرور أو في اجتماع عمل محتدم؛ لأننا في مثل هذه الأوقات نأخذ الأمور بجدية مفرطة تضرنا نفسيًا وجسديًا. لهذا السبب، تتدهور صحتنا أحيانًا عند الانتقال من يوم إجازة ممتع إلى يوم عمل مشحون بالتوتر والضغوط نمارس خلاله أنشطة تصيبنا بالملل
والإحباط.
بالنسبة للموظفين المنسجمين في عملهم، يكون يوم العمل مشحونًا بضغوط كثيرة – على عكس الوضع في يوم الإجازة – ولكن يعوضهم ارتفاع مستويات الرضا والسعادة والحماس لديهم لأنهم يمارسون مهمات عملهم الممتعة. الموظفون غير المنسجمين في مهماتهم ينتظرون حلول الإجازة بفارغ الصبر ويكرهون أيام العمل. وعندما تحظى بالرخاء الوظيفي سوف تستمتع بأيام العمل بنفس قدر استمتاعك بأيام الإجازة.
استثمار مواطن القوة
من أهم شروط الاستمتاع بالعمل أن تستثمر مواطن قوتك كل يوم وتمارس الأنشطة التي تلائم ميولك ومواهبك؛ فنحن نكتسب معارف وخبرات أكثر حين نبني على مواطن قوتنا وإنجازاتنا اليومية. مقارنة بمن لا يعرفون ما يجيدون عمله، فإن الذين يوظفون مواطن قوتهم ينسجمون أكثر في عملهم وينعمون بحياة مستقرة.
مثل هؤلاء يستمتعون بقضاء 40 ساعة عمل أسبوعيًا، أما الذين لا يحظون بفرصة لاستثمار مواطن قوتهم فيصابون بالإنهاك النفسي والبدني بعد 20 ساعة عمل فقط في الأسبوع، وتُستنزَف طاقتهم بسرعة شديدة. أنت لست محصنًا ضد الشعور بالإجهاد والإنهاك، حتى لو كنت تمارس عملاً تحبه. قد يكون العمل لأكثر من 60 ساعة أسبوعيًا وبشكلٍ متكرر أمرًا غير محبذ، مهما كان مقدار استمتاعك بما تفعله. إلا أن الذين يحتاجون إلى العمل لأكثر من 20 ساعة في الأسبوع، يجب أن يجدوا عملاً يتناسب ومواطن قوتهم.
نقلا عن www.edara.com
لقراءة الجزءالثاني إضغط هنا
تم نشر هذا المحتوي علي جريدة عالم التنمية برعاية
أكاديمية “بناة المستقبل” الدولية و” المنظمة الامريكية للبحث العلمي”
برئاسةأم المدربين العرب – الدكتورة “مها فؤاد” مطورة الفكر الإنساني
e5f2ef68-75e1-4678-9ffc-3479da505483
#بناة_المستقبل
#أكاديمية_بناة_المستقبل
#راعي_التنمية_بالوطن_العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى