عصير الكتب

الجزء الأول من تلخيص كتاب “هكذا تعيش حياة عملية حافلة بالأداء والعطاء” تأليف :ستيفن آر. كوفي وجنيفر كوليزمو

هكذا تعيش حياة عملية حافلة بالأداء والعطاء
مهنة رائعة لكلاً منا !
قد تكلم نفسك قائلاً: ”من قال إنني بحاجة إلى وظيفة رائعة؟! فكل ما أحتاجه هو كسب قوت يومي، أي مجرد وظيفة!“ ولكن سيأتي اليوم الذي يصبح فيه العمل أكثر من مجرد وسيلة لكسب العيش. وسيتبعه يوم تسترجع فيه مجريات حياتك وتنظر إلى مسارك المهني وتسأل نفسك ماذا قدمت للعالم. وسنحاول أن نساعدك في تحقيق حلمك بالحصول على مهنة رائعة والاستمتاع بوظيفة لا تندم عليها أبدًا. يستطيع كل إنسان الحصول على وظيفة الأحلام. فليس للأمر علاقة بمجال العمل أو التخصص أو العمر، ولكن جوهر الأمر يكمن في ماهية ”وظيفة الأحلام“. فهل هي أية وظيفة تدر على صاحبها الكثير من المال وتوفر له امتيازات السلطة؟ بالتأكيد من حقك الحصول على دخل منصف ولكن ليس هذا أيضًا هو جوهر الأمر. امنح نفسك بعض الوقت للتفكير في أكثر الشخصيات التي قابلتها نجاحًا وتأثيرًا في حياتك، قد يكون معلمًا أو زميلاً أو صديقًا أو حتى مديرًا. وتمعن فيما قدمه هذا الشخص لحياتك، أو للمؤسسة، أو للعالم. فهل كان الأمر متعلقًا بمال أو سلطة أو جاه أو مركز أو وظيفة؟ من المؤكد أن الأمر ليس كذلك.
ماذا ستكون إسهاماتك ؟
تعرض الأديب الكبير ”تشارلز ديكنز“ في بداية حياته لإحباطات شديدة، حيث كان يعول زوجة وخمسة أطفال، وهو عاطل عن العمل. ولكن ساهمت حالة الفقر واليأس وعمالة الأطفال والفوضى التي عمت البلاد في زمنه في رسم معالم بعض الأفكار لديه،
والتي ألهمت خياله. وكانت تلك هي الشعلة التي غيرت مسار حياته ودفعته نحو مساعدة الآخرين والتغاضي عن مشكلاته
الخاصة. فأخذ يفكر كيف يمكن أن يُحدث فرقًا، وبحث في أعماق نفسه عما يمكن أن يقدمه ليساهم في تشكيل عالم أفضل. في عام 1843 مزج ”ديكنز“ بين شغفه للتغيير وعبقريته الأدبية في كتاب رائع طمح به إلى تغيير العالم، ومصيره هو على حد سواء. بعد ستة أسابيع نشر كتابه ”ترانيم عيد الميلاد“ الذي يحكي قصة خالدة انتشرت في لمح البصر وأثارت الرأي العام. بل إن بعض النقاد ربطوا بين نشر الكتاب وبداية الإصلاح الاجتماعي الذي شهدته بريطانيا! وبالنسبة ل“ديكنز“، فكان هذا الكتاب بداية لحياة
مهنية رائعة. فقد جعلت منه مؤلفاته رجلاً ثريًا، مما أتاح له الفرصة لتعليم الفقراء وتغيير مجتمعه. الذين يبحثون عن وظيفة، يقدمون سيرًا ذاتية، أما الذين يعيشون حياة حافلة ويعملون لخدمة العالم فإنهم يقدمون ”دستور حياة“. يعد تخيل وتحديد وتصميم وثيقة إسهاماتك أو دستورك الشخصي الخطوة الأولى في رحلة الحياة الحافلة. يتطلب ذلك تحليلاً مفصلاً لمواهبك، وشغفك، وضميرك، ومواطن قوتك. بالإضافة إلى دراسة تحليلية للهدف الذي تسعى إليه من الوظيفة ومتطلبات مؤسستك وعملائك. ويا حبذا لو تضع ”وثيقة إسهامات“ و“دستور عمل“ لكل منصب أو مشروع تتولى مسؤوليته، فبمجرد أن تنتهي من كتابة الوثيقة،
ستغمرك رغبة عارمة في تحقيق ما ورد فيها على أرض الواقع.
يفشل الكثيرون في الحصول على الوظائف التي يتمنونها لأنهم يقضون حياتهم وهم ينتظرون أن تصادفهم وظيفتهم أو – كما يتعلل بعضنا – أن الأمر برمته مسألة وقت. لكن الوقت يتسرب من حياتنا ونحن نقضي أيامنا ونحن نعمل بكد وبشكل روتيني في الوظيفة الحالية دون أن نمنح أنفسنا فرصة التفكير فيما نريده حقًا! وتواصل هذه الدائرة المغلقة دورانها عامًا بعد آخر، ونقنع أنفسنا قائلين: ”سيتغير هذا الوضع العام المقبل.“ إلا أن من يعيشون حياة حافلة بالهناء والعطاء هم من يكتبون وثيقتهم ويعيشون دستورهم.
اكتشف مواطن قوتك
اكتشاف مواطن قوتك هو الخطوة الأولى على طريق تأسيس وثيقة نجاحك. عندما ننظر في الأمر، قد لا نجد سببًا منطقيًا لحالة عدم الرضا التي نشعر بها تجاه وظائفنا. لكن السبب نابع من نقص في تقييمنا لأنفسنا وجهودنا. فأنت لا تكتسب قيمتك ككائن منتج ممن حولك، لأن هذا الشعور يجب أن يولد داخلك. فمن المهم أن تدرك في صميم قلبك أنك كائن ذو قدرات لا حدود لها، ولك الحق في اختيار من تود أن تكون. ولكن يخطئ الكثير منا في تقييم أنفسهم وفقًا لعوامل خارجية، فيقيمون أنفسهم بالمال أو مقارنة بغيرهم! بل إن بعضنا يغالون في مقارنة أنفسهم بغيرهم فيفقدون هويتهم والقدرة على تقديم إسهامات متميزة لأنهم حطوا من قدرهم ومن قدراتهم.
من المهم أن تؤسس دستورًا يشمل القدرات والمهارات التي تميزك. ويمكن تقسيم هذه القدرات إلى ثلاث فئات: المواهب، والحب أو الشغف، والضمير. هذه الفئات لا تحدد العمل التي يناسبك فقط، بل وتساهم في تشكيل هويتك. فالإنسان أكثر من مجموع قدراته، وهذا ما يميزه عن الآلات.
وهو أكبر من أن تقوده غرائزه، وهذا ما يميزه عن الحيوانات. ويضاف إلى هذا وذاك ”ضمير الإنسان الحي“، ذلك الصوت الخفي الذي يهمس في أرواحنا ويرشدنا في شتى مناحي حياتنا. هذه العناصر الثلاثة مجتمعة هي التي تكوّن إنسانًا كاملاً. فإن
لم تستغِل طاقاتك وتستثمر قدراتك في حياتك، فلن تكون سعيدًا.
المواهب
المواهب هي ما في جعبتك من أدوات وقدرات. في العصر الصناعي كانت المصانع تمتلك الأدوات ووسائل الإنتاج، أما مواهب العمال والموظفين فلم تكن ذات قيمة عالية آنذاك، ولكن تبدل هذا الوضع الآن. يقول ”بيتر دراكر“: ”يمتلك كل منا الأدوات
التي تمكّنه من الإنتاج والمساهمة، تلك الأدوات تكمُن في عقولنا وأيدينا. وقد بات الذكاء شكلاً من أشكال تلك الممتلكات وأحد مصادر الثروة.“ ومن ثم فإن الموهبة تشبه تمامًا بصمة الإصبع، نمتلكها جميعًا دون أن يتشابه فيها اثنان! فمواهبك حصرية لك، تخصك وحدك، وتميزك عن غيرك.
الشغف أو الدافع
الاستمتاع بالعمل الذي تؤديه لا يقل أهمية عن استثمار مواهبك، ويقودنا هذا إلى ما يعرف بالشغف. فالشغف هو كل ما يشعرك بالرضا والسعادة. فهو الشعلة التي تتوهج داخلك فتحفزك. وليس شرطًا أن يتقاطع الشغف مع الموهبة، ولكنك في الأغلب ستكتشف موهبتك من خلال شغفك. في عام 1940 ، وجدت السيدة الأمريكية ”جوليا تشايلد“ نفسها تعيش في باريس نظرًا لظروف عمل زوجها.
وهناك اكتشفت ولعها بالمطبخ الفرنسي، وموهبتها التي كانت دفينة طوال سنوات عمرها. بدأت هذه الرحلة بمجرد وصولها إلى فرنسا، وتناولها وجبة طعام في أحد المطاعم. اتسمت هذه الوجبة كما وصفتها ب”الكمال منقطع النظير“ الذي لم تشهد له
مثيلاً من قبل. سعيًا وراء شغفها، التحقت ”جوليا“ بأفضل مدرسة للطهي وتعليم فنون الطبخ في باريس. وجد بعض أصدقائها هذا التصرف غريبًا، فكيف تستمتع زوجة دبلوماسي بهذا العمل الشاق من تسوق، وطهي، وخدمة! ولكنها واصلت حياتها العملية في سعادة وهي تؤلف كتب الطهي وتعلم فنون الطهي الفرنسي على قنوات التلفاز لكل العالم. فعلى الرغم من أنها اكتشفت شغفها وموهبتها تلك في سن متأخرة، فهذا لا يعني أنها لم تكن موجودة طوال الوقت تنتظر الفرصة المناسبة كي تفرض نفسها على صاحبتها وتخرج للوجود وتحقق السعادة من خلال النجاح المادي والمعنوي.
الضمير
بعد أن تعرف ما أنت شغوف به، ترجع إلى الضمير. ولكن لماذا يجب أن ننصت إلى ضمائرنا؟! والإجابة هي أن الضمير بمثابة البوصلة التي ترشدك لما يجب أن تقدمه من إسهامات في حياتك. يقول المؤلف الإداري الشهير ”جيم كولينز“: ”أبرز الفروق التي تميز الشخص الناجح عن غير الناجح أن الأول يرى أن لديه ”مسؤوليات“ والثاني يرى أن لديه ”مهمات“!“ قد يكون ضميرك مصدرًا لأهم وأعظم إنجازاتك.
كانت نادلة شابة تعمل في أحد المطاعم، وظلت تشعر بامتعاض شديد من ظروف وأحوال المطعم. وقد كتبت تقول: ”وظيفة هذا المكان هي أن يجلب لك الطعام في أسرع وقت ممكن، وبالفعل كانت السرعة هي كل ما يشغل بالهم! حتى وإن استخدموا أطعمة منتهية الصلاحية، أو غير نظيفة، أو حتى توصيل طلبات خاطئة. فلم يُبد أحد أي انتباه للعميل، وقد آلمني ذلك كثيرًا لأنني كنت أهتم. وعندما كنت أستغرق مدة أطول في تحضير الوجبات بالشكل السليم، لم أنل غير الصراخ والتقريع. وأخيرًا طفح كيلي وقررت أن أتخذ موقفًا إيجابيًا وأسعى للتغيير فلم أعد أبالي بالصراخ. وكان كل ما يشغلني هو أن أفعل الشيء الصحيح.“ بالاستماع لصوت الضمير فقط، ساهمت هذه النادلة في تغيير مستوى خدمة العملاء في المطعم.
ليس لأية وظيفة معنى حقيقي إن لم تكن مدعمة بالضمير. فإذا تعارضت وظيفتك مع نزاهتك وأمانتك، فما من نجاح سيرفع من قيمتك أمام نفسك. أما إذا كان عملك مرضيًا لضميرك، فستنعم دومًا براحة البال وتحقيق الذات أيًا كان منصبك. فإذا لم تُعر وظيفتك الاهتمام الكافي وتراها هدف حياتك الرئيس، لن تجد أبدًا الشغف والولع والسعادة التي تجعلك تعيش حياة عملية حافلة.
نقلا عن www.edara.com
لقراءة الجزءالثاني إضغط هنا
تم نشر هذا المحتوي علي جريدة عالم التنمية برعاية
أكاديمية “بناة المستقبل” الدولية و” المنظمة الامريكية للبحث العلمي”
برئاسةأم المدربين العرب – الدكتورة “مها فؤاد” مطورة الفكر الإنساني
e5f2ef68-75e1-4678-9ffc-3479da505483
#بناة_المستقبل
#أكاديمية_بناة_المستقبل
#راعي_التنمية_بالوطن_العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى