الاخبارالطاقة والحياة

تعرف إلى أبناء وارن بافيت الثلاثة.. أكبر فاعلي الخير بالولايات المتحدة….

بقلم عبدالرحمن الكردوسي مسؤول الإعلام العلمي

يمكن للأبناء الثلاثة للملياردير وارن بافيت، المشهورين بمساعيهم الخيرية، التبرع بما يصل مجموعه إلى 130 مليار دولار من ثروة والدهم.

فعلى مدار عدة سنوات، قدم هاورد وسوزي وبيتر بافيت، تبرعات سخية من أموال والدهم من دون إحداث ضجة كبيرة، فقد وصلت قيمة منحهم في الفترة بين عامي 2001 و2023 نحو 7.4 مليار دولار قدموها عن طريق مؤسساتهم الخيرية، أي أكثر من 2.2 مليار دولار لكل منهم، وذلك من أرباح أسهم شركتهم “بيركشاير هاثاواي” التي بلغت 7.9 مليار دولار.

ولهذا، تبرعات الأشقاء على مدى الأعوام الماضية تدرجهم في قائمة فوربس لعام 2024 التي تضم ما يزيد على 25 فاعلًا للخير في البلاد، متقدمين على الملياردير تشارلز كوخ، ومؤسس شركة هوم ديبوت بيرني ماركوس.

رغم ذلك، لا تشمل هذه المنح تبرعًا بقيمة 8.8 مليار دولار في ذات الفترة من قبل مؤسسة سوزان طومسون بافيت، التي سميت على اسم زوجة وارن الأولى، التي توفيت في عام 2004؛ إذ تُعد المؤسسة أكبر جهة مانحة أميركية لا سيما لمجموعات الصحة الإنجابية، وترأسها ابنتهما سوزي بافيت.

وسيجذب الأشقاء الثلاثة اهتمامًا بالغًا في السنوات المقبلة بعد أن أعلن والدهم البالغ من العمر 93 عامًا في وصيته منحهم الثقة في توزيع ثروته التي تقدر بقرابة 130 مليار دولار في أسهم شركة بيركشاير هاثاواي، إذ سيضع ثروته في صندوق خيري جديد يشرف عليه أبناؤه الثلاثة، بحسب ما صرّح به لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

ولم يتضح حتى الآن سبب اختيار بافيت لأبنائه الثلاثة للتبرع بثروته عند وفاته بدلًا من مؤسسة بيل غيتس، التي تضم أكثر من 2000 موظف وبنية تحتية مكنتها من توزيع ما يقرب من 8 مليارات دولار العام الماضي.

ففي عام 2006، كتب بافيت رسائل عامة إلى بيل وميليندا غيتس وأبنائه، ووعدهم بمنح كل مؤسسة من مؤسساتهم جزءًا من أرباح أسهمه في بيركشاير هاثاواي كل شهر يونيو/ حزيران، على أن يذهب الجزء الأكبر من التبرع إلى مؤسسة غيتس.

ورغم اعتبار بافيت ذلك بالـ “تعهد مدى الحياة”، فإنه صرّح لصحيفة “وول ستريت جورنال” في أواخر يونيو/ حزيران العام الجاري، أنه لن يعطي أمواله لمؤسسة غيتس بعد وفاته، معللًا ذلك بإثبات أبنائه قدرتهم على إدارة تبرعات بمبالغ طائلة.

يذكر أنه في السابق، قال بافيت إن وصيته تنص على أن أكثر من 99% من ممتلكاته خُصصت للاستخدام الخيري لمؤسسة بيل وميليندا غيتس والجمعيات الخيرية الأربع المرتبطة بعائلته، وهم مؤسسة سوزان طومسون بافيت، ومؤسسة شيروود، ومؤسسة هاورد جي بافيت، ومؤسسة نوفو.

فمنذ أن أعلن بيل وميليندا طلاقهما في مايو/ أيار 2021، ظهرت بوادر عزوف بافيت عن مؤسسة غيتس. وفي الشهر التالي، استقال بافيت، الذي كان يبلغ من العمر 90 عامًا آنذاك، من مجلس إدارة مؤسسة غيتس، التي كان عضوًا بها منذ عام 2006.

وفي حين لا تزال تُثار التساؤلات حول ما سيفعله أبناء بافيت بأموال الصندوق الخيري، فإنهم شقوا بالفعل مساراتهم الخاصة كفاعلي خير على مدى العقدين الماضيين.

ما يميز الأشقاء الثلاثة عن غيرهم من فاعلي الخير، هو نسبة تقديم المنح المرتفعة للغاية كل عام مقارنة بأصول مؤسساتهم.

فبينما يلتزم قسم الإيرادات الداخلية بالمؤسسات الخاصة الأخرى بدفع 5% من قيمة أصولها سنويًا، تجاوزت معدلات الدفع لمؤسسات أطفال بافيت ذلك بكثير، فقد تراوحت بين 28% إلى 94% في السنوات الأخيرة.

وتبلغ قيمة الأصول الموجودة في مؤسسات بافيت للأطفال أقل من 760 مليون دولار، وهي قيمة كبيرة، ولكنها ليست كافية لإدراجها ضمن قائمة أكبر المؤسسات في البلاد.

وفي عام 2022، تخلت مؤسستا هاورد وبيتر عن نحو نصف صافي أصولهما، في حين تنازلت مؤسسة سوزي شيروود عن غالبية صافي أصولها، حسب تقدير مجلة فوربس، استنادًا إلى الإقرارات الضريبية للمؤسستين.

وفي المقابل، تبرع ما يقرب من ثلاثة أرباع المؤسسات الخيرية الخاصة البالغ عددها 90.300 مؤسسة خيرية في الولايات المتحدة بأقل من 10% من صافي قيمة أصولها في 2022، حسبما كشف تحليل أجرته هيلين فلانري من معهد دراسات السياسة.

من جانبه أوضح أمير باسيك، عميد كلية ليلي فاميلي للأعمال الخيرية بجامعة إنديانا، أن معظم المؤسسات الخاصة تلتزم بالتبرع بمعدل 5% سنويًا للتأكد من إمكانية الحفاظ على مؤسساتها بمرور الوقت.

ونوهت “وول ستريت جورنال” أنه يتعين على أبناء بافيت اتخاذ قرار بالإجماع بشأن كيفية توزيع أصول والدهم من الصندوق الخيري الذي سيشرفون عليه، إذ تباينت رؤيتهم حيال مجالات التبرع.

هاورد بافيت:

في الفترة بين عامي 2001 و2023

قيمة العطايا الخيرية المقدمة من مؤسسة هاورد غراهام بافيت: 2.7 مليار دولار

قيمة المنح الخيرية المقدمة للمؤسسة من وارن بافيت: 2.7 مليار دولار

 

يذهب معظم الدعم الذي تقدمه مؤسسة هاورد إلى المساعدات الغذائية والزراعية في أوكرانيا، فضلًا عن التصدي لأزمة انعدام الأمن الغذائي في دول مثل رواندا والسلفادور وغواتيمالا.

ففي مكان غير معلوم بمنطقة دونيتسك أوبلاست بشرق أوكرانيا، ظهر بافيت، البالغ من العمر 69 عامًا، مرتديًا سترة واقية وسروالًا واسعًا وخوذة، ويلتقط صورًا لكتاب نشره مستهل العام الجاري عبر مؤسسة هاورد جي بافيت.

ظهر هاورد حاملًا كاميرا على وجهه وإلى يمينه، يجلس جندي تحت قماش ملفوف في شجرة تشكل مأوى مؤقتًا، في حين تكتسي الأرض ببياض الثلج.

يحتوي الكتاب الذي يحمل عنوان “شجاعة أمة”، المؤلف من 220 صفحة، على صور التقطها في أوكرانيا خلال 10 رحلات إلى الدولة التي مزقتها الحرب في أول عامين بعد الغزو الروسي في فبراير/ شباط 2022.

ومن جهة أخرى، قدمت مؤسسته الخيرية مئات الملايين من الدولارات كمساعدات للبلاد، في مساعيه لتحقيق الأمن الغذائي في المقام الأول، فضلًا عن تخفيف وطأة الصراعات.

وفي العام الماضي فقط، وزعت المؤسسة ما يقرب من ربع مليار دولار على المجموعات العاملة في أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك تتجه نحو التبرع بمبلغ 800 مليون دولار العام الحالي، حسبما صرح بافيت لموقع “ياهو فاينانس” الشهر الماضي.

وخلال البيان السنوي لمؤسسته العام الماضي، قال بافيت “نستجيب للأزمة الإنسانية التي خلقها الغزو الروسي واسع النطاق في أوكرانيا”، مضيفًا “لدينا أفكار حول الدور الذي يمكن أن نلعبه عندما تنتهي الحرب ويبدأ مسار التعافي”.

وأشار بافيت إلى أنه رغم استجابة العالم وتقديم المساعدات عند بدء أي صراع، يرى أن الأصعب الاستجابة عند استمرار الصراع أو انتهائه وبدء مرحلة التعافي.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، حيث يذهب الجزء الأكبر من منح المؤسسة منذ عام 2022، تمول المؤسسة جهود إزالة الألغام الأرضية لتمكين المزارعين من زراعة محاصيلهم؛ وتضمن ذلك تبرعًا بقيمة 15 مليون دولار لمنظمة HALO Trust غير الربحية لإزالة الألغام الأرضية خلال العام الماضي.

يبدو هاورد كمغامر له قضية، فبالإضافة إلى رحلاته العديدة إلى أوكرانيا، فقد أمضى بعض الوقت في مزرعة اشترتها مؤسسته في أريزونا بالقرب من حدود المكسيك في مسعاه للتعرف أكثر إلى عمليات تهريب البشر عبر الحدود وبحث المحاصيل التي يمكن زراعتها هناك.

من ناحية أخرى، عمل أيضًا في كولومبيا والسلفادور لسنوات بهدف الوصول إلى الأسباب الجذرية التي تجبر الكثيرين في أميركا اللاتينية على الهجرة إلى الولايات المتحدة.

وهو كمزارع وكاتب ومصور، فقد أثر السفر عبر الدول في نظرته إلى العالم، كما كتب في التقرير السنوي الأخير لمؤسسته: “آمنت دائمًا بالظهور، والتعامل على أرض الواقع وسط العامة، ناظرًا للطبيعة ومستشعرًا التراب بين أصابعك والروائح من حولك.. هذا فقط ما يجعلك تفهم المكان وتحدياته”.

وفي ديكاتور بولاية إلينوي، استغل هاورد مؤسسته للعمل المحلي، إذ يعيش مع زوجته ديفون بافيت، حيث أنشأت مؤسسته مركزًا لتدريب الشرطة في مايو/ أيار من العام الماضي كجزء من تعاون استمر لسنوات مع منتدى أبحاث الشرطة التنفيذية، وهي منظمة عضوية للمسؤولين التنفيذيين في الشرطة، تركز على الحد من استخدام القوة واستراتيجيات كبح جماح الجريمة.

شغل هاورد منصب عمدة مقاطعة ماكون من عام 2017 إلى 2018، في حين شغل قبلها بثلاث سنوات منصب نائب عمدة متطوع في المقاطعة.

ذهب أكبر جزء من المنح المقدمة من مؤسسة هاورد إلى المنظمات التي يديرها أو التي تربطها علاقات بها.

ففي عام 2021، تبرعت المؤسسة بما يقرب من 43.5 مليون دولار إلى مركز مكافحة الاتجار بالبشر في ديكاتور، إلينوي، وهي منظمة غير ربحية حيث يشغل هاورد منصب الرئيس ولكن من دون راتب.

وفي العام نفسه، قدمت المؤسسة تبرعًا بنحو 25 مليون دولار إلى مؤسسة السلام والأمن ومقرها ديكاتور، التي تسهل على المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في كولومبيا الوصول للأسواق، حيث يشغل هاورد بافيت منصب مدير المنظمة غير الربحية أيضًا، وفقًا لإقرار ضريبي.

فضلاً عن ذلك، تبرعت مؤسسة هاورد بمبلغ 15 مليون دولار لمؤسسة التدريب على السلامة العامة ومقرها ديكاتور، حيث يشغل هاورد منصب مدير المؤسسة.

ويُتوقع التصويت على اختيار هاورد، العضو بمجلس إدارة شركة بيركشاير هاثاواي منذ 1993، كرئيس غير تنفيذي للشركة بمجرد تنحي والده، وهو القرار الذي اعتبره وارن في حوار مع برنامج 60 دقيقة عام 2011 “ربما يساعد على الحفاظ على قيم الشركة”.

سوزي بافيت

في الفترة بين عامي 2001 و2023

قيمة العطايا الخيرية المقدمة من مؤسسة شيروود: 2.5 مليار دولار

قيمة المنح الخيرية المقدمة للمؤسسة من وارن بافيت: 2.6 مليار دولار

تدير سوزي بافيت، الأخت الكبرى البالغة من العمر 71 عامًا، مؤسسة شيروود ومقرها أوماها، التي تدعم الأشخاص الأكثر احتياجًا في نبراسكا، بما في ذلك النظام المدرسي في الولاية.

ينصب تركيز سوزي على الأطفال الذين يلتحقون بمرحلة رياض الأطفال متأخرًا، إذ أشارت في تدوينة على الموقع الإلكتروني لصندوق بافيت للطفولة المبكرة، الذي تترأسه، إلى أن عددهم كبير للغاية.

وتلقى صندوق بافيت للطفولة المبكرة، الذي يدعم السنوات الخمس الأولى من تعليم الطفولة، تبرعًا بقيمة 30 مليون دولار من مؤسسة شيروود في العام الماضي.

وفي 2023، قدمت مؤسسة شيروود منحًا لمؤسسة جامعة نبراسكا لدعم البرامج، بما في ذلك الأكاديمية التحضيرية للكلية ومشروع للشباب المستضعفين، فيما ذهبت منح أصغر أخرى إلى مجموعات تتراوح بين بنوك الطعام والمناطق التعليمية ومنظمات الصحة العقلية.

انضمت سوزي إلى مجلس إدارة شركة بيركشاير هاثاواي في 2021. وبصفتها رئيسة لمؤسسة سوزان طومسون بافيت، أشرفت على تبرعات بمئات الملايين من الدولارات لمنظمة Planned Parenthood والشركات التابعة لها.

بيتر بافيت

في الفترة بين عامي 2001 و2023

قيمة العطايا الخيرية المقدمة من مؤسسة نوفو: 2.2 مليار دولار

قيمة المنح الخيرية المقدمة للمؤسسة من وارن بافيت: 2.6 مليار دولار

 

 

ترك بيتر بافيت، البالغ من العمر 66 عامًا، وهو أصغر أبناء وارن الثلاثة، جامعة ستانفورد وعمل كموسيقي، إذ كتب في البداية ألحانًا مدتها 15 ثانية لقناة “إم تي في” الناشئة آنذاك، وموسيقى للإعلانات التجارية.

في أواخر الثمانينيات، مع انتشار الموسيقى الحديثة، أبرم بافيت أول اتفاقية لموسيقاه الآلية، كما ألّف موسيقى مشهد الرقص على النار في فيلم Dances With Wolves الحائز جائزة الأوسكار عام 1990.

ونظرًا إلى اهتمامه بالثقافة والموسيقى الأميركية الأصلية، شارك في العرض المسرحي “الروح والنار السابعة”، الذي عُرض لأول مرة في ناشيونال مول في واشنطن العاصمة في 2004 خلال الاحتفال بافتتاح المتحف الوطني للهنود الأميركيين.

ووجه بيتر وزوجته جنيفر، وهما يعيشان بالقرب من مدينة كينغستون في وادي هدسون بنيويورك، بالتمويل من مؤسسة “نوفو” في المقام الأول لتمكين النساء والفتيات وإنهاء العنف ضدهن.

في مايو 2020، بعد انخفاض أسهم بيركشاير هاثاواي بنسبة 25% وسط بداية جائحة كوفيد- 19، أشار بيتر إلى إعادة تقييم كافة منح “نوفو”، لافتًا إلى تغيير المؤسسة لاستراتيجيتها.

ووردت أنباء عن تسريح المؤسسة بعض الموظفين، فيما أنهت منحًا متعددة السنوات مع خفض تمويل برامج النساء والفتيات رغم اتجاه أكبر المنح في 2022 نحو دعمهن.

ينصب التركيز الآن، وفقًا لموقع المؤسسة على الإنترنت، على مجتمعات السكان الأصليين، وزراعة الغذاء، ودعم الأطفال، بالإضافة إلى المشاريع في وادي هدسون.

وفي مدينة كينغستون، تشمل التبرعات مركزًا مجتمعيًا به مغسلة منخفضة التكلفة، ومركزًا لصحة الأسرة يقدم رعاية صحية بأسعار معقولة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى