عصير الكتب

الجزء الأول من تلخيص كتاب "الحكومة المفتوحة : تعاون وشفافية" ومشاركة تحرير: دانييل لاثروب ولاوريل روما


 
الحكومة المفتوحة حكومة صريحة
يشير مصطلح ”الحكومة المفتوحة“ إلى الفكرة القائلة بأحقية عامة الشعب في الاطلاع على وثائق حكومة دولتهموالإجراءات التي تقوم بها، وبأحقيتهم في مراقبة تصرفاتها،على الأقل بما يجعل لدى هذا الشعب فكرة عامة عما تفعلهحكومته.
تتطور فكرة ”الحكومة المفتوحة“ باستمرار، فالفكرة تأثرتبالمبدأ الأساسي لحركة ”البرمجيات مفتوحة المصدر؛“حيث يدعم مبدأ هذه الحركة فكرة إتاحة شركات البرمجياتللجمهور حق التعديل والتغيير في مصادر برمجياتها،للعمل على تطويرها إلى الأفضل. ويتيح تطبيق هذاالمبدأ على الحكومات للجمهور المشاركة في الإجراءاتوالقرارات الحكومية. ما يجعلنا ننتقل إلى تعريف جديد ل”الحكومة المفتوحة،“ فالمواطنونهنا لن يتمكنوا فقط من الاطلاععلى معلومات ووثائق وإجراءاتوقرارات الحكومة، بل يشاركون
أيضًا في تشكيل هذه الإجراءاتوالقرارات. تعني ”الحكومةالمفتوحة“ أيضًا تحسين الاتصالاتوعمليات الإدارة في مختلف فروع ومستويات الحكومة،مما يعني إتاحة المزيد من المشاركة الداخلية. والمزيد منالمشاركة يقود إلى مستوى أعلى من الكفاءة والمسؤولية.
استخدام تقنيات المعلومات
بقلم: ماثيو بورتون
في الأعوام الأخيرة أصبحت الحكومات تعتمد علىمتعهدين خارجيين لتوفير تكنولوجيا المعلومات وحلالمشكلات التقنية المرتبطة بها. ولقد تعمق هذا الاعتمادعلى المصادر الخارجية لدرجة جعلت الحكومات فيموقف سيئ للغاية: فهي لا تمتلك مبرمجين، وكل برامجهاوشفراتها الإلكترونية تأتي من مصادر خارجية بالكامل.ويرجع السبب إلى أن قادة الحكومات يعتبرون الوظائفالمرتبطة بتكنولوجيا المعلومات وظائف فرعية لا يجبالقلق حيالها، ويمكن تكليف أطراف خارجية بها.الواقع أن على هؤلاء القادة الشعور
بالقلق حيال هذا الأمر. فبينماظلوا يلقون بمسؤولية تكنولوجياالمعلومات إلى آخرين للاهتمام بها،وحولوها إلى أمر هامشي، أصبح
لتكنولوجيا المعلومات دور محوريلا غنى عنه في أعمال أية مؤسسة أو إدارة حكومية. لربماكانت مسألة الحوسبة وتكنولوجيا المعلومات برمتها مسألةفرعية بالفعل منذ 20 عامًا عندما لم يكن هناك سوى أجهزةالكمبيوتر العملاقة. آنذاك، لم يكن على أغلب الموظفينالقلق حيال هذه الأجهزة، أو حتى الاهتمام بأمرها، لكنالأمر تغير الآن، فهناك جهاز كمبيوتر على مكتب كلموظف حكومي، وهو يعتمد على هذا الجهاز لتنفيذ مهامه.في كل يوم، يواجه الموظفون مشكلات جديدة مع هذهالأجهزة، مشكلات تحتاج إلى بعض الحكمة، لكن يمكنحلها بسرعة، فقط لو كان هناك مبرمجون موجودين بشكلدائم لتقديم يد العون.
على الحكومات أن تدرك أنه لا يمكن الاستعانة بمصادرخارجية لتحمل مسؤولية تكنولوجيا المعلومات والمشكلاتالتقنية بعد الآن. فلقد أصبحت هذه المسألة مهمة بشكلجوهري لأعمال الحكومات. وإذا رغبت أية حكومة فيتحمل هذه المسؤولية بالشكل الصحيح، عليها أن تنفصلأولاً وبشكل تام عن المتعهدين الخارجيين، وتبدأ بمعالجةهذه المسألة بنفسها.فما العيب في الاستعانة بمتعهدين خارجيين؟ في الواقعلا يوجد عيب في الاستعانة بالمتعهدين الخارجيين في حدذاتها، لكن المشكلة هي طريقة الاستعانة بهؤلاء المتعهدين،ثم طريقتهم في علاج الأمور بعد ذلك. فالفكرة الشائعةهي أن الحكومة بطيئة، ولا تنجز مهامها بكفاءة، وغيرقادرة على اعتناق التغيير بسرعة، أما القطاع الخاصفهو على النقيض تمامًا، فأداؤه أفضل، وأسرع، وأقلتكلفة. في الكثير من الحالات يكون ما سبق صحيحًابالفعل؛ فالحكومة أصبحت مثل الآلة الصدئة. ولعل مسألةالبرمجيات واحدة من أسباب بطء الحكومة؛ فالمتعهدونالخارجيون لا يعملون على تجديدها باستمرار وبالسرعةالمطلوبة، كما أن عملية تطوير برمجياتهم أبطأ وأعلىتكلفة مقارنة بعملية تطوير أية تطبيقات مستخدمة فيأي مكان آخر غير الحكومة. وفيما يلي كيفية التعاملمع مشكلات تكنولوجيا المعلومات في الحكومة في ظلالمتعهدين الخارجيين:
-1 يشكو الموظف الحكومي لمديره من مشكلة يواجهها فيجهاز الكمبيوتر الخاص به. قد تكون المشكلة بسيطةمثل وجود فيروس أو خلل ما في البرمجية المستخدمةفي المؤسسة الحكومية، أو قد تكون معقدة وكبيرة مثلوجود ثغرة ضخمة في أمن النظام التكنولوجي الخاصبالمؤسسة. ولأنه ليس لدى المدير أي مبرمجين فيالوقت الحالي لعلاج المشكلة، يتجاهل الشكوى برمتها.
-2 يشكو المزيد من الموظفين من نفس المشكلة حتىيسترعي الأمر انتباه مستويات أعلى في المؤسسة.لكن حتى التفكير في إيجاد حل ما مكلف للغاية،ويستغرق شهورًا من الأعمال الورقية حتى تتعاقدالحكومة مع أحد المتعهدين الخارجيين، ليعمل بعدهاعلى حل المشكلة. وهكذا تبقى المشكلة قائمة حتىتنتهي الأعمال الروتينية للحكومة لإتمام التعاقد.
-3 تتحول المشكلة إلى كارثة، مثل أن يخترق أحدالقراصنة الموقع الإلكتروني للمؤسسة ويستوليعلى معلومات سرية؛ أو ينهار الموقع الإلكترونيالمخصص لتصويت الناخبين يوم الانتخابات. هنايشعر القادة الحكوميون بخطورة الموقف، ويبدؤونفي التصرف لحل المشكلة.
-4 يكتب الموظفون المسؤولون عن المشتريات قائمةبالعناصر التي يجب توافرها في الحل المثالي للمشكلة.لكن لأن معرفتهم المباشرة بالمشكلة محدودة وغيرعميقة، يُجرون أولاً استطلاعًا للرأي بين الموظفينلمعرفة هذه العناصر منهم.
-5 تجمع المؤسسة شكاوى الموظفين في وثيقة واحدةتسمى ب”طلب تقديم عرض، أو كراسة الشروط،“ ثميتم عقد مناقصة تعتمد على كراسة الشروط تلك، والتيتوزع على مقدمي العطاءات المحتملين، القادرين علىتقديم الحل الأمثل للمشكلة.
-6 يفوز أحد المتعهدين بالمناقصة، وأخيرًا وبعد عدةأشهر – أو حتى أعوام – يبدأ تطوير الحل. وعلىمدار الأشهر التالية يعمل المتعهد على هذا الحل بعيدًاعن المؤسسة وعن مستخدمي البرمجية الذين اشتكوامن المشكلة والقادرين على تقديم إفادات راجعة قيمةبخصوص الحل المقترح.
-7 يتم التوصل أخيرًا إلى الحل. لكن لأن المستخدمينالمستهدفين لم يشاركوا إلا بجزء بسيط في وضعه،سرعان ما يفشل في علاج المشكلة! إضافة إلى هذافهو حل معقد، ويحتاج المستخدم إلى قراءة دليلاستخدام مكون من 80 صفحة ليتمكن من التعامل معه.
الآن، يجب أن تكون قد فهمت السبب في تأخر وتعثرالحكومة: فهي غير قادرة على حل مشكلاتها.منحة جديدة
المعلومات التي ينتجها المواطنون أو المرتبطة بهم هيشريان الحياة للأمة واقتصادها؛ وهنا تكمن مسؤوليةالحكومة في التعامل مع هذه المعلومات باعتبارها أحدأصول الأمة المهمة. لقد ارتبط المواطنون بعضهم ببعضبشكل لم يسبق له مثيل، وأصبحت لديهم المهارات اللازمةلحل المشكلات التي تؤثر عليهم سواء على المستوىالمحلي أو الدولي. هنا يمكن للحكومة أن تقدم معلوماتها
وخدماتها للمواطنين وقتما يحتاجونها لاستغلال هذهالمهارات في حل المشكلات. وبهذا الشكل فهي تمكنالمواطنين من إشعال فتيل الابتكار الذي سيؤدي في النهاية
إلى إيجاد نهج أفضل للدولة بأسرها. في هذا النموذج،تلعب الحكومة دور المحفز والممكن، بدلاً من دور المتحكمفي أمور المواطنين.يختلف هذا النموذج جذريًا عن النموذج الحالي للحكومة:”نموذج آلة البيع الجامدة!“ فنحن ندفع الضرائب ونتوقع
خدمات من الحكومة في المقابل. وعندما لا نحصل علىما نتوقعه، تقتصر ”مشاركتنا“ للحكومة بشكل كبير علىالاعتراض فحسب، في محاولة منا لهز آلة البيع، علهاتعاود العمل مرة أخرى. فلقد تحول العمل الجماعي إلى”شكوى“ جماعية. لكن ماذا لو تعاملنا مع الحكومة باعتبارهامديرًا لسوق ما، بدلاً من التعامل معها باعتبارها آلة بيع؟!السؤال الذي يطرح نفسه: ما الدروس التي يمكن للحكومةأن تتعلمها من قصص نجاح منصات الإطلاق الإلكترونيةفي عالم الكمبيوتر، في أثناء توظيفها للتكنولوجيا في كلأعمالها؟
الدرس 1: الانفتاح يشعل جذوة الابتكار والنموأكثر المنصات تألقًا ونجاحًا في أنشطتها الاقتصادية هيالمنصات المفتوحة. ولقد بدأ العصر الجديد – عصرالكمبيوتر – عام 1981 عندما نشرت مؤسسة ”آي بي إم“مواصفات الكمبيوتر الشخصي، والذي يمكن لأي شخصتصنيعه باستخدام قطع بسيطة. وقبل تقديم الكمبيوترالشخصي، كانت ”آي بي إم“ تضيق الخناق على سوقالكمبيوتر. وكان هذا السوق محدودًا آنذاك، لكنه كان معذلك ذا قيمة مرتفعة، وبه تجار محدودون يخدمون عددًاضئيلاً من العملاء الكبار والمهمين للغاية، لكن الوضعالآن اختلف تمامًا؛ فقط ألقِ نظرة سريعة على ”فيسبوك،“و”تويتر،“ و”يوتيوب،“ و”ويكيبيديا،“ لتتأكد من هذا.الدرس 2: أنشئ نظامًا بسيطًا واتركه يتطوركتب ”جون جال“ في كتابه ”سيستمانتيكس“ – الذي يعدواحدًا من أبرز كلاسيكيات هندسة البرمجيات – ما يلي:
”لقد اكتشفنا أن أي نظام معقد ناجح، ما هو إلا نموذجأحدث لنظام بسيط نجح في الماضي، لكن إنشاء نظام معقدمن الصفر لا ينجح أبدًا؛ حيث ينبغي عليك البدء دائمًابنظام بسيط وفعال في نفس الوقت لتضمن تحقيق النجاح.“
الدرس 3: ضع تصميمًا يتيح المشاركة
ترتبط بفكرة البساطة فكرة إتاحة المجال للمشاركة؛فالأنظمة التي تسمح لمستخدميها بالمشاركة فيها غالبًا ماتكون بسيطة للغاية – أو هذا ما يجب أن تكون عليه، وإلالن تنجح. وعندما يتم تصميم نظام ما من البداية بحيثيستوعب مدخلات وإسهامات وتطويرات المستخدمين(في السياق الحكومي يكون هؤلاء المستخدمون هم:الهيئات الحكومية، والمدن، والولايات، ومؤسسات القطاعالخاص) ينجح هذا النظام في تحقيق المعجزات.
من الناس وإليهم
بقلم: كارل مالاماد
دعنا نستعرض الاقتراحات الثلاثة التالية والتي يفترض أنتثبت صحتها في المجتمعات الديمقراطية، وهي في نفس الوقت تحديات يمكن للحكومة – بل ويجب عليها – أنتتعامل معها:
أولاً: عند إصدار وثيقة لتشريع أو سن قانون جديد، يجبأن يتاح للجميع الاطلاع عليها؛ لأن فرض قيود علىالناس يحول دون اطلاعهم على محتوى الوثيقة مماقد يؤثر سلبًا على قوانين البلاد. وينبغي على السلطةالقضائية تحديدًا أن تجعل كل البيانات والمعلوماتالخاصة بها متاحة على أوسع نطاق ممكن، لكي لاتتمتع جهة أخرى بسلطة زائفة أمام الشعب.
ثانيًا: إذا كان هناك اجتماع تناقَش فيه مسألة وضعقانون ما ومن المخطط أن تتم إذاعته على الجمهور،يجب أن يكون الإنترنت هو الأداة المستخدمة لعرضهذا الاجتماع، فهو الأداة الإعلامية الأنسب لعصرناالحالي. وعندما يعقد البرلمان جلسات استماع لمناقشةقانون سيُفرض فيما بعد على المواطنين، يجب أن يتاحللمواطنين مشاهدة هذه الجلسات. حضورهم جميعًاهذه الجلسات بشكل فعلي هو أمر مستحيل بالطبع؛فالحل هو تصوير هذه الجلسات وإذاعتها. المشكلة أنالكثير من برلمانات الدول الديمقراطية لا تبذل قصارىجهدها لبث هذه الجلسات بالشكل اللائق. فتجد لجانًامعينة في البرلمان تبث بعض جلساتها دون الأخرى،بينما توجد لجان لا تعرض أي شيء على الإطلاق مناجتماعاتها. وبعد مرور فترة معينة يسحب البرلمانكل جلساته القديمة من على الإنترنت؛ فإذا حاولالمواطن البحث عنها، لن يجد شيئًا. وتجدر الإشارةهنا إلى أن محاولة إبقاء جلسات مناقشة القوانينوالتشريعات بعيدة عن أعين المواطنين يضعف منشرعية البرلمان. لذلك يجب على الدولة أن تتيح بثجميع جلسات البرلمان – بلا استثناء – على الإنترنت،بحيث تصبح العملية التشريعية واضحة للشعب بأسره.
ثالثًا: يجب أن تراعى سيادة القانون في كل إداراتالحكومة، وفي كل مكان بالبلاد. ويجب أن تضطلعالسلطة التنفيذية بمسألة نشر المواد والمعلوماتالقانونية للجميع، وأن تطبق الحكومة بنفسها وبكلمستوياتها هذه الخطوة.انتشار استخدام الإنترنت هو وعد بتقديم الفرصة لإيجادحكومة أكثر كفاءة، وتحقيق المزيد من النشاط الاقتصادي.فمع الإنترنت يمكن إلغاء القيود الزائفة وغير العادلة القائمةعلى أساس المال والسلطة والمفروضة على المعلوماتلمنع الوصول إليها، وحذفها نهائيًا من نظام تشغيل وإدارة
مجتمعنا، وهذا سيقود إلى حكومة هي فعلاً من الشعب،ويديرها الشعب لأجل الشعب ولأجل مصالحه.
نقلا عن www.edara.com
لقراءة الجزءالثاني إضغط هنا
تم نشر هذا المحتوي علي جريدة عالم التنمية برعاية
أكاديمية “بناة المستقبل” الدولية و” المنظمة الامريكية للبحث العلمي”
برئاسةأم المدربين العرب – الدكتورة “مها فؤاد” مطورة الفكر الإنساني
e5f2ef68-75e1-4678-9ffc-3479da505483
#بناة_المستقبل
#أكاديمية_بناة_المستقبل
#راعي_التنمية_بالوطن_العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى