الجزء الثاني من تلخيص كتاب “ العلاقات العامة واستراتيجيات ادارة الأزمات” تأليف:آلان بيرنشتين وسيندي راكويتز

الثقة
من بين العديد من العناصر المساهمة في حل وإدارة الأزمات، تحتل الثقة المركز الأول والأهم. فإن انعدمت الثقة بين كل الجهات، تفككت العلاقات وتبددت المجهودات.
تقوم الثقة على عدة عناصر أهمها:
❂المصداقية ❂ الأمانة
❂الاهتمام ❂ الكفاءة
❂الصلابة ❂ اتساع الأفق ورحابة الصدر
بمجرد أن تترسخ وتتأصل لديك هذه السمات، تكون قد وضعت قدمك على بداية الطريق نحو إدارة ناجحة للأزمات. كما يجب أن يتأكد كل من حولك من جدارتك بالثقة من خلال ما تقدمه من أفعال تنم عن الولاء، والعطاء، والتحكم في النفس، وأخيرًا الشرف والكرامة.
لا بد أن تحمل كلماتك وأفعالك ما بين طياتها رسائل واضحة ومباشرة لبناء جسور التواصل والثقة مع جميع من حولك. فالتناقض بين ما تقول وما تفعل من شأنه أن يدمر مصداقيتك ويشوه الصورة الطيبة التي ترسخت لدى الجميع.
النضال من أجل الصالح العام
ما العوامل المؤسِّسة للمكانة، والهيئة العامة، والسمعة المؤسسية؟ وما الذي يقوي الروابط ويوطد العلاقات كي تعود المؤسسات إلى وضعها الطبيعي بعد انتهاء الأزمات؟
الإجابة باختصار هي القيم المتبادلة والمناضلة من أجل تحقيق الصالح العام. فهناك بعض الخصائص التي تبرز داخل المؤسسات التي ترسخ الثقة في ثقافتها المتأصلة دون غيرها. فنجد الرؤساء يثقون بمرؤوسيهم، والكفاءة يفوح عبيرها في الأرجاء لدرجة تجعلهم يسندون القرارات المصيرية إلى غيرهم من الموظفين حتى وإن كانوا أقل منهم منصبًا.
تتسلح فرق مواجهة الأزمات الناجحة بردود الأفعال وخطط الاستجابة للطوارئ المعدة مسبقًا كجزء لا يتجزأ من سياسة المؤسسة. كما يتحمل من يقفون على أرض صلبة مسؤولية اتخاذ القرارات الحاسمة. تضع خطط الاستجابة المسبقة التكهنات والتخمينات في آخر قائمة الحلول المطروحة وتُحمِّل أصحاب القرار المسؤولية. فالموظفون يوقنون تمام اليقين أنهم باتخاذهم
بعض القرارات لن يتحولوا إلى كبش فداء في نهاية الأمر.
كما يثق كبار المديرين بقدرة صغار المديرين، وكذلك بقدرة الموظفين، على اتخاذ القرارات والتواصل بشكل يتلاءم مع سياسة وخطط المؤسسة. ومن ثم يولد نوع فريد من العلاقات المتواصلة، والمتناسقة، والمتآزرة داخل وخارج المؤسسة.
المهمة المؤسسية
يخلط الكثير من الناس – وبشكل خاص العاملين بالعلاقات العامة – ما بين مفهوم ”الرؤية المؤسسية“ والمهمة المؤسسية. فالرؤية تحمل بين طياتها نوعًا من الإلهام والتحفيز، وترسم الملامح المستقبلية للمؤسسة. أما عن المهمة المؤسسية فهي توضح السبب الذي من أجله قامت هذه المؤسسة في المقام الأول – أو بالأحرى أهدافها. يمكنك الاعتماد على المهمة كوسيلة لتوجيه الأعمال والإنجازات المؤسسية. كذلك اجعلها معبرة عن الأهداف العامة للمؤسسة، وشاملة بحيث تقود عملية اتخاذ القرار، وأيضًا مُحدِّدة للإطار العام الذي من خلاله تصاغ استراتيجيات ومناهج المؤسسة. فالمهمة المؤسسية هي المرحلة الطبيعية والمنطقية بعد خلق مناخ عام من الثقة المتبادلة وترسيخ القيم الجوهرية.
حدود المهمة المؤسسية
لا بد أن تتجاوز المهمة المؤسسية كل الحدود وتتخطى شتى الحواجر لتهب نسماتها على المؤسسة كلها. فهي تنحدر بداية من قمة الهرم الوظيفي وصولًا إلى الموظفين، والمساهمين، والفرق الجماعية، وحتى العملاء. المهم في الأمر أن تكون هذه المهمة قيد الاستخدام والتطبيق الفوري لدى حدوث الأزمات. من المعروف أن المهام المؤسسية التي تعكس سمات المؤسسة، من ولاء وعطاء، وتحكم وشجاعة، وشرف
ونزاهة، تقلص من حدة الأزمات التي تواجه المؤسسة. فحين تبادر إحدى الأزمات بالهجوم، تدعم المهمة المؤسسية – وما يتمخض عنها من مبادئ – سبل التعاون والتنسيق وتضع الخطوط العريضة لخطة النجاة والنجاح. ومن ثم تتخطى المؤسسات الملتزمة بمهمتها المؤسسية الحقيقية شتى أنواع الأزمات بأقل خسائر ممكنة في حين تخفق المؤسسات التي تتقدم دون خطة أو وجهة فتذروها الرياح!
مقومات المهمة المؤسسية
تنفُض المهمات المؤسسية الفعالة الغبار عن أهداف المؤسسة الجوهرية. وهي تتراوح ما بين الأكثر عمومًا وشمولًا والأعلى دقة وتركيزًا. وعادة ما تتضمن المهام المؤسسية للشركات التجارية ما يلي:
❂أهداف وطموحات المؤسسة.
❂المساهمين الرئيسيين.
❂القيمة التي تضيفها المؤسسة إلى المساهمين.
وتتألف معظم المهام المؤسسية من ثلاثة مقومات جوهرية:
❂السوق الرئيسية: حدد عملاء المؤسسة المستهدفين
❂الإسهامات: احصر المنتجات والخدمات المقَدَّمة
❂التميز: حدد العوامل التي تميز منتجات وخدمات المؤسسة عمن سواها.
ابتكار الخطط “المُسعفة الشاملة
إلام تهدف خطط إدارة الأزمات؟ وإلى أي مدى تؤثر على العلاقات العامة؟ وهل ستصرح الصحافة والسلطات أنك قد بذلت ما بوسعك لمواجهة الأزمات الطارئة؟ إن استطعت الإجابة عن هذه الأسئلة أبشر: فلديك بالفعل خطة مسعفة فعالة وشاملة.
ينبغي على الخطط المسعفة للعلاقات العامة أن تضمن التواصل الشفاف والسلس لحين انتهاء الأزمة. فهذه الخطة تهدف إلى علاج الأزمة وعودة الأمور إلى مجراها الطبيعي في المقام الأول وليس العكس. بل إنه دونها تتفكك العلاقات وقت الأزمات مما يصعب بناء فرق العمل المتكافئة فيما بعد.
الخطة الرئيسية
يجب أن تتفق خطة العلاقات العامة المسعفة مع هذه العناصر:
❂استمرارية التنفيذ: ضع خطة ”توارثية“ بحيث يتولى مسؤولون جدد زمام الأمور حين يعجز الحاليون عن أداء واجباتهم والقيام بدورهم على أكمل وجه.
حدد مسار هذا المخطط التوريثي بما في ذلك أسماء الأشخاص، ومسماهم الوظيفي، ودورهم المهني.
❂تقييم نسب المخاطرة والتبادل المعلوماتي: سلط الضوء على أهم نقاط الضعف التي تعاني منها المؤسسة والسبل التي تنتهجها في نشر وتوزيع المعلومات. فمن أهم أساسيات إدارة الأزمات قول الحق بأسرع وقت!
❂القيادة، والتحكم، والتنسيق: حدد الأشخاص المخول إليهم تولي إدارة الأزمة بما في ذلك القائد ومسؤولو العمليات، والتخطيط، والعلاقات العامة كلًا باسمه، ومسماه الوظيفي، ودوره المهني.
❂الإجراءات والتوجيهات: حدد خط الدفاع الأول من المستجيبين وكذلك الخط الثاني كلًا باسمه، ومسماه الوظيفي، ودوره المهني.
❂الواجبات والمسؤوليات: حدد مهام التعامل مع الأزمات وأسند كل واحدة منها إلى شخص بعينه. ومن الضروري أن تتضمن هذه المهام الاستشارات القانونية، والعلاقات العامة، والموارد المالية، والموارد البشرية، والتكنولوجيا المعلوماتية، وكذلك إدارة الأنظمة، والاتصالات، والتغطية الشبكية، والوسائل الأمنية.
عناصر الاتصال
يجب أن يتضمن عنصر الاتصالات في خطة الأزمات الشاملة العناصر التالية:
-1 متحدثًا متخصصًا: يفضل الاعتماد على شخص واحد مؤهل كي يعبر عن المؤسسة بأكملها، يتجاوب مع الاستفسارت الإعلامية، ويلقي بالتصريحات. كما يتطلب الأمر بعض الخبراء التقنيين لدعم وإمداد المتحدث بالمعلومات اللازمة.
-2 المهمة المؤسسية: حيث يبرز دور المهمة المؤسسية – كما ذكرنا آنفًا – في حماية سمعة المؤسسة والدفاع عن نزاهتها. وهنا تلعب القيم الجوهرية والثقة المتبادلة أسمى أدوارها.
-3 الترتيب المكاني: وهنا ينبغي على المؤسسة استيعاب المنظور الذي من خلاله يرى الرأي العام الأزمة. فالمبادرة بالاعتذار والاعتراف بالأخطاء تُكسبك تعاطف المحيطين. وفيما يلي بعض الأمثلة لما يجب أن تتضمنه المؤسسات في سبيل الاستجابة للأزمات:
❂الإجراءات غير القانونية
❂إساءة استخدام المعلومات السرية
❂سوء تقييم وأخطاء غير متعمدة
❂هجمات الخصوم والمنافسين.
-4 العلاقات الإعلامية: تصب علاقات رئيس قسم العلاقات العامة الوطيدة والقوية بوسائل الإعلام في مصلحة المؤسسة قبل كل شيء، لا سيما عند حدوث الأزمات. كما يجب أن يُلم موظفو العلاقات العامة بسبل الاستجابة لوابل من الاستفسارات والتساؤلات
الإعلامية بالاعتماد على الهاتف وأجهزة التواصل الاجتماعي فقط. أيضًا لا يجب أن تغفل خطة العلاقات العامة المسعفة عن إقامة مركز إعلامي متخصص لمتابعة البيانات والمقابلات الصحفية قبل حتى أن تصعق الأزمة بالمؤسسة. وبالمثل يجب أن يكون للمؤسسة ممثلون إعلاميون لضمان التحكم ودقة المعلومات.
5 التدريبات الإعلامية: يجب أن يخضع كل من يتحدث على لسان المؤسسة للتدريب الكافي والفعال. وقد قدمت ”سارة بيلين“ في حملتها الرئاسية عام 2008 نموذجًا مثاليًا للمتحدث غير المدرب ولا المؤهل للقاءات الإخبارية. فحين سألها ”تشارلز جيبسون“ عن رأيها بالقضية الروسية، ذُعر المشاهدون لإجابتها الصاعقة: ”سيرى سكان ألاسكا البلد من نوافذهم!“ فلو خضعت ”بيلين“ لمزيد من التدريبات اللائقة لازدادت خبرتها واختلفت إجاباتها عن العلاقات الخارجية، ومن ثم يجب أن تتأهب خطة العلاقات العامة المسعفة لمواجهة أصعب الأسئلة والمواجهات الإعلامية وتتسلح بأفضل الإجابات.
-6 العبارات المجهزة: يجب أن تتضمن التصريحات والبيانات الإعلامية كل التفاصيل المتعلقة بالأزمة. كما أن الاستجابة السريعة والاجتهاد لوضع الخطط الفعالة يرسخان انطباعًا جيدًا لدى الرأي العام.
-7 الضمانات: بالتأكيد سترغب الوسائل الإعلامية في مطالعة بعض الوثائق المتعلقة بمؤسستك. فالصحافة حين تغطي أزمة ما ترجع إلى بدايات وتاريخ المؤسسة وتنقب عن ماضيها منذ قديم الأزل. لذا، بسِّط المعلومات التقنية المعقدة قدر الإمكان واجعلها سهلة الاستيعاب. فالإعلام بشكل عام يقدر التوضيحات، وشرح الكلمات الغامضة، وتصحيح الزلات. تجنب اختصارات الحروف الأولية للكلمات، وأغدق عليهم كمًا هائلًا من المعلومات كي يستخدموها بالتقارير والتصريحات. فالغموض والافتقار إلى الدقة والوضوح يفسحان المجال ويطلقان العنان لخيال الإعلاميين لإضفاء لمساتهم وآرائهم الشخصية على القضية. وأخيرًا اجعل كل هذه الضمانات قانونًا لا تنفصل عن كتيب علاقاتك الإعلامية التي بدورها تندرج تحت خطة العلاقات العامة المسعفة.
-8 الجماهير الحقيقة: بالطبع يمثل الإعلام بكل أطيافه الجمهور الأكبر والأصعب لأي مؤسسة على وجه الأرض. ولكن لا يجب أن ينسينا ذلك غيره من الجهات والعناصر الهامة بينما نحدد المهمة المؤسسية. أعد ترتيب هذه الجهات كي تلبي احتياجات المساهمين وتشبع طموحاتهم بالشكل التالي:
❂الوسائل الإعلامية سواء المحلية، والعالمية، والرقمية، والمهنية
❂الموظفون، والمساهمون، والمحللون، والمصرفيون، والسماسرة، والمستثمرون
❂العملاء
❂المنظمات المجتمعية
❂الموزعون، وكبار التجار، وصغار التجار، والعملاء
❂الممولون، والهيئات التجارية، والتحالفات الاستراتيجية، وجهات الترخيص
❂الجهات التشريعية، والتنظيمية، والقضائية، والحكومية
❂الجماهير الخاصة بما في ذلك أصحاب الإعاقات الجسدية، والأقليات، وكبار السن، والجماعات الدينية.
نقلا عن www.edara.com
لقراءة الجزءالثالث إضغط هنا
تم نشر هذا المحتوي علي جريدة عالم التنمية برعاية
أكاديمية “بناة المستقبل” الدولية و” المنظمة الامريكية للبحث العلمي”
برئاسةأم المدربين العرب – الدكتورة “مها فؤاد” مطورة الفكر الإنساني
#بناة_المستقبل
#أكاديمية_بناة_المستقبل
#راعي_التنمية_بالوطن_العربي