إبداع وتنميةالاخبارالطاقة والحياةنساء رائدات

ديوان “ذكريات الجرح والأمل”: تأملات في الحزن والحنين لأمٍ مفقودة البروفسيرة ايمان زايد….

بقلم عبدالرحمن الكردوسي مسؤول الإعلام العلمي

في عالم الأدب العربي المعاصر، تبرز مجموعة من الأعمال التي تأخذنا إلى أعماق النفس الإنسانية وتجسد مشاعر الحزن والأمل بطريقة مؤثرة وواقعية من بين هذه الأعمال، يبرز ديوان “ذكريات الجرح والأمل” للشاعرة البروفسيرة إيمان زايد، الذي يعد تجسيدًا مؤثرًا لمشاعر الحزن والفقدان، ويقدم للقارئ رحلة عاطفية بين الحنين لأيام الطفولة وألم فقدان الأم.

يأخذنا ديوان “ذكريات الجرح والأمل” في رحلة عميقة إلى أعماق النفس الإنسانية، حيث تعرض الشاعرة فيها صورة واضحة لجروح الفقدان وتأثيره على حياة الإنسان عبر قصائدها، تعبر زايد عن مشاعرها العميقة تجاه والدتها الراحلة، التي كانت بالنسبة لها مصدر الأمان والحب والحنان.

الشاعرة تبدأ ديوانها بعبارات مليئة بالحنين لأيام الطفولة التي قضتها بين أحضان أمها، تعبر عن تعلقها الشديد بذكريات تلك الأيام، وكيف أن غياب أمها أحدث تغييرات جذرية في حياتها تكتب البروفسيرة ايمان زايد عن هذه الذكريات بوضوح وجمال، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش تلك اللحظات نفسها.

ما يميز ديوان البروفسيرة ايمان زايد هو أسلوبها الشعري الرقيق والعميق تتنقل بين الحنين والوجع بأسلوب سلس ومؤثر، مما يتيح للقارئ التفاعل مع كل بيت شعر بشكل شخصي. تعكس القصائد في الديوان مشاعر الحزن والألم بوضوح، مع تقديم أمل خافت يعكس رغبة الشاعرة في تجاوز ألم الفقدان واستعادة الأمل.

تستخدم الشاعرة لغة قوية وصورًا شعرية مؤثرة، مما يضفي على قصائدها بعدًا إنسانيًا عميقًا تعبر عن الفقدان بطريقة تجذب القارئ وتدعوه للتفكير في تجاربه الشخصية.

يتناول الديوان موضوعات الفقدان والحنين بشكل متكامل، حيث يقدم نظرة شاملة على كيفية تأثير الفقدان على النفس البشرية تعبر الشاعرة عن مشاعرها بشكل صادق، وتستعرض كيف أن فقدان الأم لا يؤثر فقط على الحاضر بل يمتد ليشكل ذكريات طفولية تظل تلاحق الشخص طوال حياته.

كما يتناول الديوان أيضًا مسألة الأمل في مواجهة الألم، حيث يعكس كيف يمكن للذكريات الجميلة أن تكون مصدرًا للتعزية والقوة في الأوقات الصعبة، تبرز القصائد كيف أن الأمل في ذكريات الماضي يمكن أن يكون مصدرًا للإلهام والقوة في مواجهة التحديات.

يترك ديوان “ذكريات الجرح والأمل” أثرًا عميقًا في القارئ، حيث يدعوه للتأمل في تجربته الشخصية مع الفقدان والحنين، من خلال تقديم صورة واضحة لمشاعر الشاعرة، يشعر القارئ بوجود رابط عاطفي يجمعه معها، مما يجعله يعيد النظر في تجاربه الخاصة مع الحزن والأمل.

إن هذا الديوان ليس مجرد مجموعة من القصائد، بل هو رحلة عاطفية تعكس عمق التجربة الإنسانية وتجعل القارئ يشعر بالتواصل الحقيقي مع مشاعر الشاعرة.

في النهاية، يقدم ديوان “ذكريات الجرح والأمل” للشاعرة البروفسيرة إيمان زايد تجربة شعرية ثرية، تجسد مشاعر الحزن والفقدان والأمل بشكل مؤثر وجميل، من خلال أسلوبها الشعري الرقيق والتعبير الصادق، تدعونا الشاعرة للتأمل في تجاربنا الشخصية والبحث عن الأمل في وسط الألم، إن قراءة هذا الديوان تعد تجربة قيمة لكل من يبحث عن فهم أعمق لمشاعر الإنسان وتحدياته.

الديوان

ورَجَعْتُ بِذَاكِرَتِي وَأَمَانِيِّي
مُنْذُ الطُّفُولَةِ وَيَوْمِي
وَحَتَّى غَدَاتِي
أَجْتَرُّ مَا مَرَّ بِي
وَأَجْتَرُّ جِرَاحَاتِي
وَأَذْكُرُ أَيَّامِي حِينَ أُمِّي
مُنْذُ مَهْدِي وَطُفُولَتِي وَخُطُوَاتِي
حَتَّى كَبِرْتُ وَمَا كَبِرْتُ
بَيْنَ يَدَيْهَا الدَّافِئَاتِ
وَحِينَ كَانَتْ رَفِيقَةَ الْعُمْرِ
بَيْنَ فَرَحِي وَقَرْحِي
وَحَرَكَاتِي وَسَكَنَاتِي
وَحَتَّى تَفَاصِيلِي الصَّغِيرَاتِ
ثُمَّ غَابَتْ وَغَابَتْ بَعْدَهَا
كُلُّ بَسَمَاتِي
كَطِفْلَةٍ أَنَا لَمْ أَزَلْ
أَشْتَاقُ لِأُمِّي
لِتِلْكَ الْأَيَّامِ الْخَالِيَاتِ
قَدْ كَانَتْ لِي سَكَنًا
وَأُمًّا وَطُمَأْنِينَةً
كَآيَاتِ السَّكِينَاتِ
كَانَتْ لِي حِصْنًا وَسَنَدًا
كَوَالِدٍ لَمْ أَخْشَ بِوُجُودِهِ
مِنْ رَاجِفَاتِي
هِيَ الْوَلَدُ وَالْأَهْلُ وَالصَّحْبُ
مَحْرَابِي وَصُومْعَتِي وَإِبْتِهَالاَتِي
كَانَتْ مَمْلَكَتِي وَمَعْرَكَتِي
فَأَذَبْتُ ذَاتَهَا بِذَاتِي
وَرَأَيْتُ فِيهَا مَا يُغْنِينِي
وَجْهًا فِيهِ كُلُّ الْأُمَّهَاتِ
لَكِنْ بَعْدَكِ أُمِّي ضَاعَ الْأَمَانُ
وَصِرْتُ أَحْيَا شُعُورَ الْخَائِفَاتِ
كَيْفَ كُنْتُ بِالْأَمْسِ مِنْكِ
وَالْيَوْمَ صِرْتُ يَتِيمَةَ النِّدَاءَاتِ
كُنْتُ الْمُدَلَّلَةَ بَيْنَ يَدَيْكِ
وَأَيُّ مُدَلَّلَةٍ بَيْنَ الْآنِسَاتِ
وَكَمْ نَمْتُ بِجَوَارِكِ دَافِئَةً
تُدَاعِبِينَ شَعْرِي وَخَصِيلاَتِي
وَكُنْتِ صَدِيقَتِي
تُشْعِرِينِي كَالْأَمِيرَاتِ
أَنَامُ عَلَى سُرُرٍ نَاعِمَةٍ
وَفِرَشٍ مِنْ حَرِيرَاتِي
وَقَصَصْتِ لِي قِصَصًا وَصُوَرًا
جَمِيلَةَ الْوَصْفِ وَالْخَيَالاَتِ
وَشَرِبْتُ مِنْ كَأْسِ الْوِدَادِ ذَائِقَةً
مَا شَرِبْتُ بَعْدَكِ مِثْلَهَا مَسْرَاتِي
فَبَعْدَكِ أَرْضِي قَاحِلَةٌ
زَالَ زَهْوُهَا
لَوْ تَدْرِينَ شَكَاتِي
فَبَابُ الدَّارِ مَوْصُودٌ
لَمْ يَأْتِهِ بَعْدَكِ أَيُّ زِيَارَاتِي
سَكَبْتُ بِبَابِكَ الْمَوْصُودِ مَدَامِعِي
وَشَكَوْتُ عِنْدَهُ كُلَّ حَالاَتِي
فَهَلاَّ تَعُودِينَ أُمِّي
تَرْفُقِينَ بِحَالِي وَمُوَاسَاتِي
أُمَّاهُ إِنِّي بَعْدَكِ مَيْتَمٌ
لاَ بِي حِيلَةٌ وَلاَ أَقْوَى مُعَانَاتِي
فَمَا وَجَدْتُ قَلْبًا يُشْبِهُكِ
وَبَحَثْتُكِ عَبَثًا
حَتَّى رَفَعْتُ يَأْسًا
كُلَّ رَآيَاتِي
وَكَمْ أَرَانِي كُنْتُ مُقَصِّرَةً
وَصِيَّةً مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ
لَكِنَّ قَلْبَكِ أَرَاهُ أَسْمَى
أَسْمَى مِنْ تَقْصِيرِي
وَمِنْ حَمَاقَاتِي
فَلَعَلَّ حُبِّي يَشْفَعُ عَنِّي
وَيَشْفَعُ دُعَائِي فِي صَلَوَاتِي
وَتَعْرِفِينَ أُمِّي سَرِيرَتِي
وَحُسْنَ نَوَايَايَا الْبَرِيئَاتِ
لَكِنَّنِي أَشْقَى هَزِيمَ الْفَقْدِ
وَأَرْكُنُ لِحُزْنِي وَاحْتِضَارَاتِي
وَيَعْصِرُ الْفَقْدُ بِمَوَاجِعِي
عِنْدَ الْمَوَاقِفِ وَبِالنَّازِلاَتِ
وَأَشْعُرُ بِغُرْبَةٍ بِكُلِّ مَنْ حَوْلِي
وَدُونَكِ مَكْسُورَةٌ بِالْجَنَاحَاتِ
أَبْحَرُ بِشِرَاعٍ لاَ يَهْدِينِي
ضِيعَ الدَّرْبُ وَكُلُّ جِهَاتِي
أَنَامُ وَأَصْحَوُ حَائِرَةً
أَبْحَثُ بَرًّا فِيهِ أَمَانِيَّ
لَكِنِّي رَفَعْتُ لِرَبِّي شَكَاتِي
وَشَكْوَى هُمُومِي وَمَلَفَاتِي
وَحِينَ رَجَعْتُ بِذَاكِرَتِي
أَرْخَيْتُ سُدُولاً
عَلَى ذِكْرِيَاتِي

أكاديمية “بناة المستقبل” الدولية
برئاسة أم المدربين العرب – الدكتورة “مها فؤاد” مطورة الفكر الإنساني
و” المنظمة الامريكية للبحث العلمي”
www.us-osr.org

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى